فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ} (35)

{ ثم أولى لك فأولى } الأولى تأكيد للأولى والثانية تأكيد للثانية ، وقيل أي وليك الويل وأصله أولاك الله ما تكرهه واللام مزيدة كما في ردف لكم ، وهذا تهديد شديد ووعيد بعد وعيد ، والتكرير للتأكيد أي يتكرر عليك ذلك مرة بعد مرة .

قال الواحدي قال المفسرون : " أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بيد أبي جهل فقال أولى لك فأولى فقال أبو جهل بأي شيء تهددني ؟ لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا وإني لأعز أهل هذا الوادي " فنزلت هذه الآية ، وقيل معناه الويل لك وعلى هذا القول قيل هو من القلوب ، كأنه قيل أويل لك ثم أخر الحرف المعتل ، قيل ومعنى التكرير لهذا اللفظ أربع مرات الويل لك حيا والويل لك ميتا والويل لك يوم البعث والويل لم يوم تدخل النار ، وقيل المعنى أن الذم لك أولى لك من تركه ، وقيل المعنى أنت أولى وأحق وأجدر بهذا العذاب قاله محي السنة ، وقال الأصمعي أولى في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك ، قال المبرد كأنه يقول قد وليت الهلاك وقد دانيته ، وأصله من الولي وهو القرب .

قال ثعلب : لم يقل أحد في { أولى } أحسن وأصح مما قاله الأصمعي ، وعن سعيد بن جبير قال : " سألت ابن عباس عن قوله أولى لك فأولى أشيء قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأبي جهل من قبل نفسه أم أمره الله به قال بل قاله من قبل نفسه ثم أنزله الله " أخرجه النسائي والحاكم وصححه والطبراني وغيرهم .