فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰٓ} (35)

{ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى } أي وليك الويل ، وأصله : أولاك الله ما تكرهه ، واللام مزيدة كما في { رَدِفَ لَكُم } [ النمل : 72 ] . وهذا تهديد شديد والتكرير للتأكيد : أي يتكرر عليك ذلك مرة بعد مرة . قال الواحدي : قال المفسرون : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أبي جهل ، ثم قال : { أولى لَكَ فأولى } فقال أبو جهل : بأيّ شيء تهدّدني لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئًا ، وإني لأعزّ أهل هذا الوادي ، فنزلت هذه الآية . وقيل معناه : الويل لك ، ومنه قول الخنساء :

هممت بنفسي بعض الهمو *** م فأولى لنفسي أولى لها

وعلى القول بأنه الويل ، قيل : هو من المقلوب كأنه قيل : أويل لك ، ثم أخر الحرف المعتل . قيل : ومعنى التكرير لهذا اللفظ أربع مرات ، والويل لك حياً ، والويل لك ميتاً ، والويل لك يوم البعث ، والويل لك يوم تدخل النار . وقيل المعنى : إن الذمّ لك أولى لك من تركه . وقيل المعنى : أنت أولى وأجدر بهذا العذاب قاله ثعلب . وقال الأصمعي : أولى في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك . قال المبرّد : كأنه يقول : قد وليت الهلاك وقد دانيته ، وأصله من الولي ، وهو القرب ، وأنشد الفراء :

فأولى أن يكون لك الولاء *** . . .

أي قارب أن يكون لك ، وأنشد أيضاً :

أولى لمن هاجت له أن يكمدا *** . . .

/خ40