معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

قوله تعالى : { ولقد علمتم النشأة الأولى } الخلقة الأولى ، ولم تكونوا شيئاً . { فلولا تذكرون } أني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

57

هذه هي النشأة الآخرة . . ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ! ) . . فهي قريب من قريب . وليس فيها من غريب .

بهذه البساطة وبهذه السهولة يعرض القرآن قصة النشأة الأولى والنشأة الآخرة . وبهذه البساطة وهذه السهولة يقف الفطرة أمام المنطق الذي تعرفه ، ولا تملك أن تجادل فيه . لأنه مأخوذ من بديهياتها هي ، ومن مشاهدات البشر في حياتهم القريبة . بلا تعقيد . ولا تجريد . ولا فلسفة تكد الأذهان ، ولا تبلغ إلى الوجدان . .

إنها طريقة الله . مبدع الكون ، وخالق الإنسان ، ومنزل القرآن . . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى فإنها أقل صنعا لحصول المواد وتخصيص الأجزاء وسبق المثال وفيه دليل على صحة القياس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

وقرأ جمهور الناس : النشْأة «بسكون الشين . وقرأ قتادة وأبو الأشهب{[10917]} وأبو عمرو بخلاف [ النشَأة ] بفتح الشين والمد . وقال أكثر المفسرين : أشار إلى خلق آدم ووقف عليه ، لأنه لا تجد أحداً ينكر أنه من ولد آدم وأنه من طين . وقال بعضهم : أراد ب { النشأة الأولى } نشأة إنسان إنسان في طفولته فيعلم المرء نشأته كيف كانت بما يرى من نشأة غيره ، ثم حضض على التذكر والنظر المؤدي إلى الإيمان .

وقرأ الجمهور : » تذّكرون «مشددة الذال . وقرأ طلحة : » تذْكُرون «بسكون الذال وضم الكاف ، وهذه الآية نص في استعمال القياس والحض عليه .


[10917]:هو جعفر بن حيان السعدي، أبو الأشهب العطاردي، البصري، مشهور بكنيته، ثقة، من السادسة، مات سنة خمس وستين وله خمس وتسعون سنة.(تقريب التهذيب).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

أعقب دليل إمكان البعث المستند للتنبيه على صلاحية القدرة الإِلهية لذلك ولسد منافذ الشبهة بدليل من قياس التمثيل ، وهو تشبيه النشأة الثانية بالنشأة الأولى المعلومة عندهم بالضرورة ، فنبهوا ليقيسوا عليها النشأة الثانية في أنها إنشاء من أثر قدرة الله وعلمه ، وفي أنهم لا يحيطون علماً بدقائق حصولها .

فالعلم المنفي في قوله : { فيما لا تعلمون } [ الواقعة : 61 ] ، هو العلم التفصيلي ، والعلم المثبت في قوله : { ولقد علمتم النشأة الأولى } هو العلم الإجمالي ، والإجمالي كاففٍ في الدلالة على التفصيلي إذ لا أثر للتفصيل في الاعتقاد .

وفي المقابلة بين قوله : { في ما لا تعلمون } [ الواقعة : 61 ] بقوله : { ولقد علمتم } محسّن الطباق .

ولما كان علمهم بالنشأة الأولى كافياً لهم في إبطال إحالتهم النشأة الثانية رتب عليه من التوبيخ ما لم يرتب مثله على قوله : { وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون } [ الواقعة : 60 ، 61 ] فقال : { فلولا تذكرون } ، أي هلا تذكرتم بذلك فأمسكتم عن الجحد ، وهذا تجهيل لهم في تركهم قياس الأشباه على أشباهها ، ومثله قوله آنفاً : { نحن خلقناكم فلولا تصدقون } [ الواقعة : 57 ] .

وجيء بالمضارع في قوله : { تذكرون } للتنبيه على أن باب التذكر مفتوح فإن فاتهم التذكر فيما مضى فليتداركوه الآن .

وقرأ الجمهور { النشأة } بسكون الشين تليها همزة مفتوحة مصدر نشأ على وزن المرة وهي مرة للجنس . وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وحده بفتح الشين بعدها ألف تليها همزة ، وهو مصدر على وزن الفَعَالة على غير قياس ، وقد تقدم في سورة العنكبوت .