معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

( الذين يقيمون الصلاة ) . .

وهنا نرى للإيمان صورة حركية ظاهرة - بعد ما رأيناه في الصفات السابقة مشاعر قلبية باطنة - ذلك أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل . فالعمل هو الدلالة الظاهرة للإيمان التي لا بد من ظهورها للعيان ، لتشهد بالوجود الفعلي لهذا الإيمان .

وإقامة الصلاة ليست هي مجرد أدائها . إنما هي الأداء الذي يحقق حقيقتها . الأداء الكامل اللائق بوقفة العابد في حضرة المعبود - سبحانه - لا مجرد القراءة والقيام والركوع والسجود والقلب غافل ! وهي في صورتها الكاملة تلك تشهد للإيمان بالوجود فعلاً .

( ومما رزقناهم ينفقون ) . .

في الزكاة وغير الزكاة . . وهم ينفقون ( مما رزقناهم ) . . فهو بعض مما رزقهم الرازق . . وللنص القرآني دائماً ظلاله وإيحاءاته . فهم لم يخلقوا هذا المال خلقاً . إنما هو مما رزقهم الله إياه - من بين ما رزقهم وهو كثير لا يحصى - فإذا أنفقوا فإنما ينفقون بعضه ، ويحتفظون منه ببقية . والأصل هو رزق الله وحده !

تلك هي الصفات التي حدد الله بها - في هذا المقام - الإيمان . وهي تشمل الاعتقاد في وحدانية الله ؛ والاستجابة الوجدانية لذكره ؛ والتأثر القلبي بآياته ؛ والتوكل عليه وحده ؛ وإقامة الصلاة له ، والإنفاق من بعض رزقه . .

وهي لا تمثل تفصيلات الإيمان - كما وردت في النصوص الأخرى - إنما هي تواجه حالة واقعة . . حالة الخلاف على الأنفال وفساد ذات البين من جرائها . . فتذكر من صفات المؤمنين ما يواجه هذه الحالة . وهي في الوقت ذاته تعين صفات من فقدها جملة ً لم يجد حقيقة الإيمان فعلاً . بغض النظر عما إذا كانت تستقصي شروط الإيمان أو لا تستقصيها . فمنهج التربية الرباني بالقرآن هو الذي يتحكم فيما يذكر من هذه الشروط والتوجيهات في مواجهة الحالات الواقعية المختلفة . ذلك أنه منهج واقعي عملي حركي ، لا منهج نظري معرفي ، مهمته بناء [ نظرية ] وعرضها لذاتها !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

وقوله { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } ينبه بذلك على أعمالهم ، بعد ما ذكر اعتقادهم ، وهذه الأعمال تشمل أنواع الخير كلها ، وهو إقامة الصلاة ، وهو حق الله تعالى .

وقال قتادة : إقامة الصلاة : المحافظة على مواقيتها{[12656]} ووضوئها ، وركوعها ، وسجودها .

وقال مقاتل بن حَيَّان : إقامتها : المحافظة على مواقيتها ، وإسباغ الطهور فيها ، وتمام ركوعها وسجودها ، وتلاوة القرآن فيها ، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا إقامتها .

والإنفاق مما رزقهم الله يشمل خراج{[12657]} الزكاة ، وسائر الحقوق للعباد من واجب ومستحب ، والخلق كلهم عيال الله ، فأحبهم{[12658]} إلى الله أنفعهم لخلقه .

قال قتادة في قوله { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } فأنفقوا مما أعطاكم الله ، فإنما هذه الأموال عواري وودائع عندك يا ابن آدم ، أوشكت أن تفارقها .


[12656]:في م: "أوقاتها".
[12657]:في ك، م: "إخراج"
[12658]:في د: "أحبكم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

ثم أتبع ذلك وعدهم{[5220]} ووسمهم بإقامة الصلاة ومدحهم بها حضاً على ذلك ، وقوله { ومما رزقناهم ينفقون } قال جماعة من المفسرين : هي الزكاة .

قال القاضي أبو محمد : وإنما حملهم على ذلك اقتران الكلام بإقامة الصلاة وإلا فهو لفظ عام في الزكاة ونوافل الخير وصلاة المستحقين ، ولفظ ابن عباس في هذا المعنى محتمل .


[5220]:- هكذا بالأصول، وفي إحدى النسخ: "ثم أتبع بعد ذلك عدّهم..."، ويجوز أن يكون الصواب: "عدتهم" أو أن تكون الكلمة زائدة، وأن المراد: "ثم أتبع ذلك بأن وسمهم بإقامة الصلاة"، والله أعلم.