الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } أي حقّوا حقاً يعني يقيناً صدقاً . وقال ابن عباس : يقول برأوا من الكفر . وقال مقاتل : حقّاً لا شك في إيمانهم كشك المنافقين .

وقال قتادة : استحقّوا الإيمان بحق فأحقّه الله لهم . وقال ابن عباس : مَنْ لم يكن منافقاً فهو مؤمن حقّاً .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الرازي ، قال : أخبرنا عليّ بن محمد بن عمير قال : إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا هشام بن عبيد الله قال : حدّثنا عبيد [ الله هشام ] بن حاتم عن عمرو بن [ درّ ] عن إبراهيم قال : إذا قيل لأحدكم أمؤمن أنت حقّاً ، فليقل : إنّي مؤمن حقّاً فإن كان صادقاً فإنّ الله لا يعذّب على الصدق ولكن يثيب عليه .

فإن كان كاذباً فما فيه من الكفر أشد عليه من قوله له : إنّي مؤمن حقّاً . وقال ابن أبي نجيح : سأل رجل الحسن فقال : أمؤمن أنت ؟

فقال : الإيمان إيمانان فإنّ كنتَ تسأل عن الإيمان بالله وملائكته وكُتبه ورُسله واليوم الآخر والجنّة والنار والبعث والحساب فأنا بها مؤمن ، وإن كنت تسألني عن قوله { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } إلى قوله تعالى { عِندَ رَبِّهِمْ } فوالله ما أدري أمنهم أنا أم لا .

وقال علقمة : كنّا في سفر فلقينا قوماً فقلنا : من القوم ؟ فقالوا : نحن المؤمنون حقّاً ، فلم ندرِ ما نجيبهم حتّى لقينا عبد الله بن مسعود فأخبرناه بما قالوا فقال : فما رددتم عليهم ؟ قلنا : لم نرد عليهم شيئاً .

قال : أفلا قلتم أَمِنْ أهل الجنّة أنتم ؟ إن المؤمنين من أهل الجنّة .