قوله تعالى : { أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم } ، أي : مؤلم . قال ابن عباس : بعث نوح عليه السلام بعد أربعين سنة ، ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة ، وعاش بعد الطوفان ستين سنة ، وكان عمره ألفا وخمسين سنة . وقال مقاتل : بعث وهو ابن مائة سنة . وقيل : بعث هو ابن خمسين سنة . وقيل : بعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة ، ومكث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة ، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة قال الله تعالى : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } [ العنكبوت-14 ] أي : فلبث فيهم داعيا .
ومرة أخرى يبلور مضمون الرسالة في حقيقة جديدة :
فهذا هو قوام الرسالة ، وقوام الإنذار . ولماذا ؟
( إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم ) . .
فيتم الإبلاغ ويتم الإنذار ، في هذه الكلمات القصار . .
واليوم ليس أليما . إنما هو مؤلم . والأليم - اسم مفعول أصله : مألوم ! - إنما هم المألومون في ذلك اليوم . ولكن التعبير يختار هذه الصيغة هنا ، لتصوير اليوم ذاته بأنه محمل بالألم ، شاعر به ، فما بال من فيه ؟
يخبر تعالى عن نوح ، عليه السلام ، وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض من المشركين عَبَدة الأصنام أنه قال لقومه : { إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : ظاهر النّذَارَة لكم من عذاب الله إن أنتم عبدتم غير الله ؛ ولهذا قال : { أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ } وقوله { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } أي إن استمررتم على ما أنتم عليه عَذَّبكم الله عذابا أليما مُوجعًا شاقًا في الدار الآخرة .
وقوله : أنْ لا تَعْبُدُوا إلاّ اللّهَ فمن كسر الألف في قوله : إني جعل قوله : أرْسَلْنا عاملاً في «أَنْ » التي في قوله : أنْ لا تَعْبُدُوا إلاّ اللّهَ ويصير المعنى حينئذ : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ، أن لا تعبدوا إلا الله ، وقل لهم إنّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ . ومن فتحها ، ردّ «أنْ » في قوله : أنْ لا تَعْبُدُوا عليها ، فيكون المعنى حينئذ : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه بأني لكم نذير مبين ، بأن لا تعبدوا إلا الله . ويعني بقوله : بأن لا تعبدوا إلا الله أيها الناسُ ، عبادة الاَلهة والأوثان وإشراكها في عبادته ، وأفردوا الله بالتوحيد وأخلصوا له العبادة ، فإنه لا شريك له في خلقه . وقوله : إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ ألِيم يقول : إني أيها القوْم إن لم تَخُصّوا الله بالعبادة وتفردوه بالتوحيد وتخلعوا ما دونه من الأنداد والأوثان ، أخاف عليكم من الله عذاب يوم مؤلم عقابُه وعذابه لمن عذّب فيه . وجعل الأليم من صفة اليوم وهو من صفة العذاب ، إذ كان العذاب فيه كما قيل : وَجَعَلَ اللّيْلَ سَكَنا وإنما السّكن من صفة ما سكن فيه دون الليل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.