تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

وقوله تعالى : ( أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ ) أي لا تجعلوا عبادتكم إلا لمعبود ، وهو معبود بشهادة خلقتكم [ التي ][ ساقطة من الأصل وم ] تشهد على أنه هو المستحق للعبادة لا ما تعبدون من الأصنام والأوثان .

ويحتمل قوله : ( أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ ) تعالى أي وحدوا الله ولا تصرفوا الألوهية إلى غيره ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) أضاف الألم إلى اليوم واليوم ليس بمؤلم ، لكنه ، والله أعلم [ أضافه إليه لما فيه ما يؤلم كقوله : ][ في الأصل وم : أضاف إليه لما فيه يؤلم وكقوله ] ( وجعل الليل سكنا )[ الأنعام : 96 ] والليل لا يسكن ، ولا يوصف [ بالسكون ][ ساقطة من الأصل وم ] لكنه يسكن فيه ، وكذلك قوله[ في الأصل وم : قال ] ( والنهار مبصرا )[ يونس : 67 ] والنهار لا يبصر لكنه يبصر فيه . فعلى ذلك : ( عذاب يوم أليم ) لما فيه يكون العذاب الأليم .

وقوله تعالى : ( إني أخاف عليكم ) أي الخوف في غيره لا يكون في الحقيقة خوفا ، وكذلك الرجاء في غيره لا يكون في الحقيقة رجاء ، وفي نفسه يكون في الحقيقة خوفا ورجاء لما يلحقه ضرر في نفسه إن [ حل به ذلك لا بغيره ، ولا ][ في الأصل وم : جعل به ذلك لغيره و ] يلحقه نفع ، فيكون الخوف في نفسه حقيقة خوف ، والرجاء حقيقة رجاء .

وأما في غيره [ فلا ][ ساقطة من الأصل وم ] لما لا يلحقه ضرر ، و إن حل ذلك [ بغيره فلا ] في الأصل وم : لغيره لا ] ينال من النفع في الرجاء إن نال ذلك الغير .

لكنه يخرج على وجهين :

أحدهما : على العلم أي إني أعلم أنه ينزل بكم العذاب نحو قوله : ( وإن خفتم شقاق بينهما )[ النساء : 35 ] أي علمتم وقوله : ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله )[ البقرة : 229 ] أي فإن علمتم أن يضيعا حدود الله .

والثاني : يخاف عليكم إشفاقا منه لأن الخلق جبلوا على أن يتألم [ بعض ][ ساقطة من الأصل وم ] بما يحل بغير حتى لا يكون في وسع بعض أن يروا ذلك في غيرهم[ في الأصل وم : غيره ] .

على هذين الوجهين يخرج الخوف على الغير[ في الأصل وم : غيره ] وفي الخوف رجاء فهو إياس ، وقال الله عز وجل ( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )[ يوسف : 87 ] والرجاء إذا لم يكن فيه خوف فهو أمن ، وقال [ الله عز وجل ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )[ الأعراف : 99 ] .