اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

قوله : { أَن لاَّ تعبدوا } كقوله : { أَن لاَّ تعبدوا } في أول السورة ، ونزيد هنا شيئاً آخر ، وهو أنَّها على قراءةِ من فتح " أني " تحتملُ وجهين :

أحدهما : أن تكون بدلاً من قوله : " أنِّي لَكُم " ، أي أرْسلناهُ بأن لا تَعْبُدُوا .

والثاني : أن تكون مفسِّرة ، والمفسَّر بها : إمَّا " أرْسَلناهُ " وإما " نَذِيرٌ " .

وأمَّا على قراءة من كسر فيجوزُ أن تكون المصدرية وهي معمولةٌ ل " أرسلنا " ويجوزُ أن تكون المفسرة بحاليها .

قوله : " أليم " إسناد الألم إلى اليوم مجازٌ مثله ؛ لأنَّ الأليمَ في الحقيقة هو المعذِّب ، ونظيرها قولك نهارُكَ صائمٌ .

قال أبُو حيَّان{[18749]} : " وهذا على أن يكون " ألِيم " صفةُ مبالغةٍ من " ألِمَ " وهو من كثر ألمه ، وإن كان " ألِيم " بمعنى : " مُؤلم " فنسبته لليوم مجازٌ وللعذاب حقيقة " .

فصل

قال ابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - بعث نوح بعد أربعين سنة ، ولبث يَدعو قومه تسع مائة وخمسين سنة ، وعاش بعد الطُّوفانِ ستين سنة ، فكان عمره ألفاً وخمسين سنة{[18750]} .

وقال مقاتلٌ : بعث وهو ابن مائة سنة .

وقيل : بعث وهو ابن خمسين سنة .

وقيل : ابن مائتين وخمسين سنة ، ومكث يدعو قومه{[18751]} تسعمائة سنة ، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة ، فكان عمره ألفاً وأربع مائة سنة .


[18749]:ينظر: البحر المحيط 5/215.
[18750]:ذكره البغوي في "تفسيره" (2/379) عن ابن عباس.
[18751]:انظر المصدر السابق.