معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَمۡلَيۡتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (48)

{ وكأين من قرية أمليت لها } يعني : أمهلتها . { وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير* قل يا أهل الناس إنما أنا لكم نذير مبين* }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَمۡلَيۡتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (48)

42

ولقد أملى الله للكثير من تلك القرى الهالكة ؛ فلم يكن هذا الإملاء منجيا لها من المصير المحتوم والسنة المطردة في هلاك الظالمين :

( وكأي من قرية أمليت لها وهي ظالمة ، ثم أخذتها ، وإلي المصير . . )

فما بال هؤلاء المشركين يستعجلون بالعذاب ، ويهزأون بالوعيد ، بسبب إملاء الله لهم حينا من الزمان إلى أجل معلوم ? .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَمۡلَيۡتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (48)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيّ الْمَصِيرُ } .

يقول تعالى ذكره : وكأيّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أمْلَيْتُ لَهَا يقول : أمهلتهم وأخّرت عذابهم ، وهم بالله مشركون ولأمره مخالفون وذلك كان ظلمهم الذي وصفهم الله به جلّ ثناؤه فلم أعجَلْ بعذابهم . ثُمّ أخَذْتُها يقول : ثم أخذتها بالعذاب ، فعذّبتها في الدنيا بإحلال عقوبتنا بهم . وإليّ المَصِيرُ يقول : وإليّ مصيرهم أيضا بعد هلاكهم ، فيلقون من العذاب حينئذ ما لا انقطاع له يقول تعالى ذكره : فكذلك حال مستعجليك بالعذاب من مشركي قومك ، وإن أمليت لهم إلى آجالهم التي أجلتها لهم ، فإني آخِذُهم بالعذاب فقاتِلُهم بالسيف ثم إليّ مصيرهم بعد ذلك فموجعهم إذن عقوبة على ما قدّموا من آثامهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَمۡلَيۡتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (48)

وكرر قوله { وكأين } لأنه جلب معنى آخر ذكر أولاً القرى المهلكة دون إملاء بل بعقب التكذيب ثم ثنى بالمهملة لئلا يفرح هؤلاء بتأخير العذاب عنهم ، وقرأت فرقة «تعدون » بالتاء ، وقرأت فرقة «يعدون » بالياء على الغائب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَمۡلَيۡتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ ثُمَّ أَخَذۡتُهَا وَإِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (48)

عطف على جملة { ويستعجلونك بالعذاب } [ الحج : 47 ] أو على جملة { ولن يخلف الله وعده } [ الحج : 47 ] باعتبار ما تضمنه استعجالهم بالعذاب من التعريض بأنهم آيسون منه لتأخّر وقوعه ، فذُكّروا بأن أمماً كثيرة أمهلت ثمّ حلّ بها العذاب . فوزان هذه الآية وِزان قوله آنفاً : { فكأين من قرية أهلكناها وفي ظالمة } [ الحج : 45 ] الخ ؛ إلا أن الأولى قصد منها كثرة الأمم التي أهلكت لئلا يتوهّم من ذكر قوم نوح ومَن عطف عليهم أن الهلاك لم يتجاوزهم ولذلك اقتصر فيها على ذكر الإهلاك دون الإمهال . وهذه الآية القصد منها التذكير بأنّ تأخير الوعيد لا يقتضي إبطاله ، ولذلك اقتصر فيها على ذكر الإمهال ثم الأخذِ بعده المناسب للإملاء من حيث إنه دخول في القْبضَة بعد بعده عنها .

وأما عطف جملة { فكأين من قرية أهلكناها } [ الحج : 45 ] بالفاء وعطف جملة { وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة } بالواو فلأن الجملة الأولى وقعت بدَلاً من جملة { فكيف كان نكير } [ الحج : 44 ] فقرنت بالفاء التي دخلت نظيرتُها على الجملة المبدَل منها ، وأما هذه الجملة الثانية فخليّة عن ذلك فعطفت بالحرف الأصلي للعطف .

وجملة { وإليَّ المصير } تذييل ، أي مصير الناس كلهم إليّ . والمصير مِصدر ميمي ل ( صار ) بمعنى : رجع ، وهو رُجوع مجازي بمعنى الحصول في المكنة .

وتقديم المجرور للحصر الحقيقي ، أي لا يصير الناس إلا إلى الله ، وهو يقتضي أنّ المصير إليه كائن لا محالة ، وهو المقصود من الحصر لأن الحصر يقتضي حصول الفعل بالأحرى فهو كناية عن عدم الإفلات .