{ وكأي من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير }
وكثير هم أهل القرى التي عتت عن أمر ربها ورسله ، وكانوا أشد قوة من قريتك التي أخرجتك ، وكانوا أكثر من مشركي قريش أموالا وأولادا ، ومع استحلالهم الحرمات وتكذيبهم الرسل والرسالات ، أمهلت كل قوم من أولئك الأقوام الفجرة الظلام ، حتى إذا جاء وقت إحلال بأسي بهم أهلكتهم فإني عزيز ذو انتقام ، ومردهم بعد ذلك إلي فأصليهم حر السعير وسوء المستقر والمقام .
مما يقول صاحب جامع البيان أبو جعفر بن جرير الطبري " وإن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله على ما أتيتهم به من الحق والبرهان وما تعدهم من العذاب على كفرهم بالله ، فذلك سنة إخوانهم من الأمم الخالية . . ومنهاجهم من قبلهم فلا يصدنك ذلك ، فإن العذاب المهين من ورائهم ، ونصري إياك وأتباعك عليهم آتيهم من وراء ذلك ، كما أتى عذابي أسلافهم من الأمم الذين من قبلهم ، بعد الإمهال إلى بلوغ الآجال . . . { فكيف كان نكير } يقول : فانظر يا محمد كيف كان تغييري ما كان بهم من نعمة ، وتنكيري لهم عما كنت عليه من الإحسان إليهم ؟ ! ؛ ألم أبدلهم بالكثرة قلة ؟ ! وبالحياة موتا وهلاكا ؟ ! وبالعمارة خرابا ؟ يقول : فكذلك فعلي بمكذبيك من قريش وإن أمليت لهم إلى آجالهم فإني منجزك وعدي فيهم كما أنجزت غيرك من رسلي وعدي في أممهم . . فكأين من قرية أهلكناها ومن بئر عطلناها بإفناء أهلها ، وإهلاك وارديها ، فاندفنت وتعطلت فلا واردة لها ولا شاربة منها ، ومن قصر مشيد رفيع بالصخور والجص قد خلا من سكانه بما أذقنا أهله من عذابنا بسوء فعالهم ، فبادوا وبقيت قصورهم المشيدة خالية منهم . . . أفلم يسيروا هؤلاء المكذبون بآيات الله والجاحدون قدرته في البلاد فينظروا إلى مصارع ضربائهم من مكذبي رسل الله الذين خلوا من قبل . . . فينيبوا من عتوهم وكفرهم ويكون لهم إذا تدبروا ذلك واعتبروا به وأنابوا إلى الحق { قلوب يعقلون بها } حجج الله على خلقه وقدرته على ما بينا ؛ { أو آذان يسمعون بها } . . تصغي لسماع الحق فتعي ذلك وتميز بينه وبين الباطل . . { ولن يخلف الله وعده } الذي وعدك فيهم من إحلال عذابه ونقمته بهم في عاجل الدنيا ، ففعل ذلك ووفى لهم بما وعدهم ، فقتلهم يوم بدر . . . عني بقوله : { وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون } نفي العجلة عن نفسه ، ووصفها بالأناة والانتظار . . . { وكأين من قرية أمليت لها } . . أمهلتهم وأخرت عذابهم وهم بالله مشركون ، ولأمره مخالفون . . . ثم أخذتها بالعذاب فعذبتها في الدنيا بإحلال عقوبتنا بهم . . . وإلى مصيرهم أيضا بعد هلاكهم ، فيلقون من العذاب حينئذ مالا انقطاع له اه .
{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ { 49 ) فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { 50 ) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ { 51 ) }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.