معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (45)

قوله تعالى : { أفأمن الذين مكروا } عملوا { السيئات } ، من قبل ، يعني : نمرود بن كنعان وغيرة من الكفار ، { أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (45)

22

ويختم هذا الدرس الذي بدأه بالإشارة إلى الذين يستكبرون ويمكرون . . ينتهي بلمسة وجدانية بعد لمسة :

أولاهما للتخويف من مكر الله الذي لا يأمنه أحد في ساعة من ليل أو نهار . والثانية لمشاركة هذا الوجود في عبادة الله وتسبيحه . فليس إلا الإنسان هو الذي يستكبر ويمكر . وكل ما حوله يحمد ويسبح .

( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض ، أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون ؟ أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين ؟ أو يأخذهم على تخوف ؟ فإن ربكم لرؤوف رحيم ) .

أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ؟ ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة ، والملائكة ، وهم لا يستكبرون ، يخافون ربهم من فوقهم ، ويفعلون ما يؤمرون . .

وأعجب العجب في البشر أن يد الله تعمل من حولهم ، وتأخذ بعضهم أخذ عزيز مقتدر ، فلا يغني عنهم مكرهم وتدبيرهم ، ولا تدفع عنهم قوتهم وعلمهم ومالهم . . وبعد ذلك يظل الذين يمكرون يمكرون ، ويظل الناجون آمنين لا يتوقعون أن يؤخذوا كما أخذ من قبلهم ومن حولهم ، ولا يخشون أن تمتد إليهم يد الله في صحوهم أو في منامهم ، في غفلتهم أو في استيقاظهم والقرآن الكريم يلمس وجدانهم من هذا الجانب ليثير حساسيتهم للخطر المتوقع ، الذي لايغفل عنه إلا الخاسرون :

( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون )

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (45)

القول في تأويل قوله تعالى { أَفَأَمِنَ الّذِينَ مَكَرُواْ السّيّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : أفأمن الذين ظلموا المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فراموا أن يفتنوهم عن دينهم من مشركي قريش الذين قالوا إذ قيل لهم ماذا أنزل ربكم : أساطير الأوّلين ، صدّا منهم لمن أراد الإيمان بالله عن قصد السبيل ، أن يخسف الله بهم الأرض على كفرهم وشركهم ، أو يأتيهم عذاب الله من مكان لا يشعر به ولا يدري من أين يأتيه ؟ وكان مجاهد يقول : عنى بذلك نمرود بن كنعان .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : أفَأمِنَ الّذِينَ مَكَرُوا السّيّئاتِ أنْ يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأرْضَ . . . إلى قوله : أوْ يَأْخُذَهُمْ على تَخَوّفٍ قال : هو نمرود بن كنعان وقومه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وإنما اخترنا القول الذي قلناه في تأويل ذلك ، لأن ذلك تهديد من الله أهل الشرك به ، وهو عقيب قوله : وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاّ رِجالاً نُوحِي إلَيْهِمْ فَاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعلَمونَ فكان تهديد من لم يقرّ بحجة الله الذي جرى الكلام بخطابه قبل ذلك أحرى من الخبر عمن انقطع ذكره عنه .

وكان قتادة يقول في معنى السيئات في هذا الموضع ، ما :

حدثنا به بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أفَأمنَ الّذِينَ مَكَرُوا السّيّئاتِ : أي الشرك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (45)

هذه الآية تهديد لأهل مكة ، وهم المراد ب { الذين } في قول الأكثر ، وقال مجاهد : المراد نمرود بن كنعان ، والأول أظهر ، ونصب { السيئات } يحتمل وجهين : أحدهما أن ينصب بقوله { أفأمن } وتكون { السيئات } على هذا العقوبات التي تسوء من تنزل به ، ويكون قوله { أن يخسف } بدلاً منها . والوجه الثاني أن ينصب ب { مكروا } ، وعدي { مكروا } لأنه بمعنى عملوا وفعلوا ، و { السيئات } على هذا معاصي الكفر وغيره ، قاله قتادة ، ثم توعدهم بما أصاب الأمم قبلهم من الخسف ، وهو أن تبتلع الأرض المخسوف به ويقعد به إلى أسفل وأسند النقاش ، أن قوماً في هذه الأمة ، أقيمت الصلاة فتدافعوا الإمامة وتصلفوا في ذلك{[7315]} فما زالوا كذلك حتى خسف بهم ، و { تقلبهم } سفرهم ومحاولتهم المعايش بالسفر والرعاية ونحوها ، و «المعجز » المفلت هرباً كأنه عجز طالبه .


[7315]:المراد أنهم وصلوا إلى درجة أبغض بعضهم فيها بعضا، يقال: صلف فلان: لم يحظ عند الناس وأبغضوه، وأصلفه الله: بغضه إلى الناس، ويقال: صلفه صلفا: أبغضه.