اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (45)

قوله تعالى : { أَفَأَمِنَ الذين مَكَرُواْ السيئات } الآية في " السَّيِّئاتِ " ثلاثة أوجهٍ :

أحدها : أنها نعت لمصدر محذوف ، أي : المكرات السيئات .

الثاني : أنه مفعول به على تضمين : " مَكرُوا " عملوا وفعلوا ، وعلى هذين الوجهين ، فقوله { أَن يَخْسِفَ الله بِهِمُ الأرض } مفعولٌ ب " أمِنَ " .

الثالث : أنه منصوب ب " أمن " ، أي : أمنوا العقوبات السيئات ، وعلى هذا فقوله { أَن يَخْسِفَ الله } بدل من " السَّيِّئات " .

والمكرُ في اللغة : هو السعي بالفسادِ خفية ، ولابد هنا من إضمارٍ ، تقديره المكرات السيئات ، والمراد أهل مكة ، ومن حول المدينة .

قال الكلبيُّ : المراد بهذا المكر : اشتغالهم بعبادة غير الله - تعالى{[19830]} - والأقربُ أن المراد سعيهم في إيذاءِ الرسول ، وأصحابه على سبيل الخفيةِ ، أي : يخسف الله بهم الأرض ؛ كما خسف بالقرون الماضية .

قوله : { أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي : يأتيهم العذاب من السماء من حيث يفجؤهم ؛ فيهلكهم بغتة ؛ كما فعل بالقرون الماضية .


[19830]:ذكره الرازي في "تفسيره" (20/32).