فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (45)

{ أَفَأَمِنَ الذين مَكَرُوا السيئات } يحتمل أن تكون { السيئات } صفة مصدر محذوف أي : مكروا المكرات السيئات ، وأن تكون مفعولة للفعل المذكور على تضمينه معنى العمل ، أي : عملوا السيئات ، أو صفة لمفعول مقدّر ، أي : أفأمن الماكرون العقوبات السيئات . أو على حذف حرف الجرّ ، أي : مكروا بالسيئات { أَن يَخْسِفَ الله بِهِمُ الأرض } هو مفعول «أمن » ، أو بدل من مفعوله على القول بأن مفعوله محذوف ، وأن السيئات صفة للمحذوف ، والاستفهام للتقريع والتوبيخ . ومكر السيئات وسعيهم في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذاء أصحابه على وجه الخفية ، واحتيالهم في إبطال الإسلام ، وكيد أهله { أَن يَخْسِفَ الله بِهِمُ } كما خسف بقارون ، يقال : خسف المكان يخسف خسوفاً ، ذهب في الأرض ، وخسف الله به الأرض خسوفاً أي : غاب به فيها ، ومنه قوله : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض } [ القصص : 81 ] وخسف هو في الأرض ، وخسف به { أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } به في حال غفلتهم عنه كما فعل بقوم لوط وغيرهم . وقيل : يريد يوم بدر ، فإنهم أهلكوا ذلك اليوم ، ولم يكن في حسبانهم .

/خ50