تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَخۡسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ} (45)

الآية : 45 وقوله تعالى : { أفأمن الذين مكروا السيئات } قوله : { أفأمن } قد ذكرنا أنه حرف استفهام ؛ إلا أنه من الله غير محتمل ذلك ، وهو على إيجاب ذلك .

ثم هو يخرج على وجهين :

أحدهما : على الخبر أنهم قد أمنوا مكره . والثاني : على النهي ؛ أي لا تأمنوا / 285 – ب / كقوله : { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } ( الأعراف : 99 ) هذا يشبه أن يكون على هذا الذي ذكرنا أنه إخبار عن أمنهم مكر الله ، وعلى النهي ألا يأمنوا . ثم أخبر أنه : { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } الكافرون لأنهم كذبوا الرسل في ما أوعد لهم من العذاب ، فأمنوا لذلك ، أو ( لما لم يعرفوا ){[10178]} الله ولم يعرفوا حقوقه ونعمته ونقمته ، فأمنوا لذلك .

وأما من عرف الله ، ومكن عرف حقه ، وعرف نقمته ، فإنه لا يأمن مكره ، والله أعلم .

ثم قوله تعالى : { مكروا السيئات } قال بعضهم : مكرهم السيئات هو ما مكروا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ، قالوا : أصابهم ذلك أساءهم ، وما ظهروا عليه عدوهم .

وقال بعضهم : مكرهم السيئات هو أعمالهم التي عملوها ، وكل ذلك قد كان منهم ؛ كانوا مكروا برسول الله وأصحابه ، وكانوا ظاهروا عليهم عدوهم ، وقد عملوا أعمالهم الخبيثة السيئة .

وقوله تعالى : { أن يخسف الله بهم الأرض } أي أمنوا حين { مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون } في الحال التي لا يكون لهم أمن ، ولا {[10179]} خوف .


[10178]:في الأصل: لا يعرفون، في م: لما يعرفوا.
[10179]:الواو ساقطة من الأصل وم.