معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

وقال مقاتل : نزلت في عبد الله بن أبي حلف للنبي صلى الله عليه وسلم بالله الذي لا إله إلا هو لا يتخلف عنه بعدها ، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضى عنه ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية : قوله تعالى : { يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

ثم يمضي السياق ينبئ عما سيقع من هؤلاء القاعدين بعد عودة المجاهدين :

( يحلفون لكم لترضوا عنهم . فإن ترضوا عنهم فإن اللّه لا يرضى عن القوم الفاسقين )

إنهم يطلبون ابتداء من المسلمين أن يعرضوا عن فعلتهم صفحاً وعفواً . ثم يتدرجون من هذا إلى طلب رضى المسلمين عنهم ليضمنوا السلامة في المجتمع المسلم بهذا الرضى ! ويضمنوا أن يظل المسلمون يعاملونهم بظاهرإسلامهم كما كانوا يعاملونهم ؛ ولا يجاهدونهم ويغلظون عليهم كما أمرهم اللّه في هذه السورة أن يفعلوا ؛ محدداً بذلك العلاقات النهائية بين المسلمين والمنافقين فيهم .

ولكن اللّه سبحانه يقرر أنهم فسقوا عن دين اللّه بهذا القعود الناشئ عن النفاق ؛ وأن اللّه لا يرضى عن القوم الفاسقين . حتى ولو استطاعوا أن يحلفوا ويعتذروا حتى يرضى عنهم المسلمون ! . . وحكم اللّه فيهم هو الحكم . ورضا الناس - ولو كانوا هم المسلمين - في هذه الحالة لا يغير من غضب اللّه عليهم ، ولا يجديهم فتيلاً . إنما السبيل إلى إرضاء اللّه هو الرجوع عن هذا الفسق ، والعودة إلى دين اللّه القويم !

وهكذا كشف اللّه هؤلاء القاعدين - من غير عذر - في الجماعة المسلمة ؛ وقرر العلاقات النهائية بين المسلمين والمنافقين . كما قررها من قبل بين المسلمين والمشركين ، وبين المسلمين وأهل الكتاب . وكانت هذه السورة هي الحكم النهائي الأخير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يَرْضَىَ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } .

يقول تعالى ذكره : يَحْلِفُ لَكُمْ أيها المؤمنون بالله هؤلاء المنافقون اعتذارا بالباطل والكذب لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فإنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فإنّ اللّهَ لا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفاسِقِينَ يقول : فإن أنتم أيها المؤمنون رضيتم عنهم وقبلتم معذرتهم ، إذا كنتم لا تعلمون صدقهم من كذبهم ، فإن رضاكم عنهم غير نافعهم عند الله لأن الله يعلم من سرائر أمرهم ما لا تعلمون ، ومن خفيّ اعتقادهم ما تجهلون ، وأنهم على الكفر بالله ، يعني أنهم الخارجون من الإيمان إلى الكفر بالله ومن الطاعة إلى المعصية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

{ يحلفون لكم لترضوا عنهم } بحلفهم فتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم . { فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } أي فإن رضاكم لا يستلزم رضا الله ورضاكم وحدكم لا ينفعهم إذا كانوا في سخط الله وبصدد عقابه ، وإن أمكنهم أن يلبسوا عليكم لا يمكنهم أن يلبسوا على الله فلا يهتك سترهم ولا ينزل الهوان بهم ، والمقصود من الآية النهي عن الرضا عنهم والاغترار بمعاذيرهم بعد الأمر بالإعراض وعدم الالتفات نحوهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

هذه الجملة بدل اشتمال من جملة : { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم } [ التوبة : 95 ] لأنهم إذا حلفوا لأجل أن يعرض عنهم المسلمون فلا يلوموهم ، فإن ذلك يتضمن طلبهم رضى المسلمين .

وقد فرّع الله على ذلك أنه إن رضي المسلمون عنهم وأعرضوا عن لومهم فإن الله لا يرضى عن المنافقين . وهذا تحذير للمسلمين من الرضى عن المنافقين بطريق الكناية إذ قد علم المسلمون أن ما لا يُرضي الله لا يكون للمسلمين أن يرضوا به .

والقوم الفاسقون هم هؤلاء المنافقون . والعدول عن الإتيان بضمير ( هم ) إلى التعبير بصفتهم للدلالة على ذمهم وتعليل عدم الرضى عنهم ، فالكلام مشتمل على خبر وعلى دليله فأفاد مفاد كلامين لأنه ينحلّ إلى : فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عنهم لأن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين .