إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡۖ فَإِن تَرۡضَوۡاْ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (96)

{ يَحْلِفُونَ لَكُمْ } بدلٌ مما سبق ، وعدمُ ذكر المحلوفِ به لظهوره أي يحلِفون به لظهوره أي يحلفون به تعالى { لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } بحلفهم وتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم .

{ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } حسبما راموا وساعدتموهم في ذلك { فَإِنَّ الله لاَ يرضى عَنِ القوم الفاسقين } أي فإن رضاكم عنهم لا يُجديهم نفعاً لأن الله ساخطٌ عليهم ولا أثرَ لرضاكم عند سخطِه سبحانه ، ووضعُ الفاسقين موضعَ ضميرِهم للتسجيل عليهم بالخروج عن الطاعة المستوجبِ لما حل بهم من السُخط وللإيذان بشمول الحُكمِ لمن شاركهم في ذلك والمرادُ به نهيُ المخاطبين عن الرضا عنهم والاغترارِ بمعاذيرهم الكاذبةِ على أبلغ وجهٍ وآكدِه فإن الرضا عمن لا يرضى عنه الله تعالى مما لا يكاد يصدرُ عن المؤمن ، وقيل ذلك لئلا يَتوهمَ متوهمٌ أن رضا المؤمنين من دواعي رضا الله تعالى . قيل : هم جدُّ بنُ قيس ومعتبُ بنُ قشير وأصحابُهما وكانوا ثمانين منافقاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين حين قدم المدينةَ : «لا تجالسوهم ولا تكلموهم » ، وقيل : جاء عبد اللَّه بن أبي يحلف أن لا يتخلفُ عنه أبداً .