معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

{ كأنهم حمر } جمع حمار ، { مستنفرة } قرأ أهل المدينة والشام بفتح الفاء ، وقرأ الباقون بكسرها ، فمن قرأ بالفتح فمعناها منفرة مذعورة ، ومن قرأ بالكسر فمعناها نافرة ، يقال : نفر واستنفر بمعنى واحد ، كما يقال عجب واستعجب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

وأمام هذا الموقف المهين الميئوس منه في الآخرة ، يردهم إلى موقفهم في الفرصة المتاحة لهم في الأرض قبل مواجهة ذلك الموقف ؛ وهم يصدون عنها ويعرضون ، بل يفرون من الهدى والخير ووسائل النجاة المعروضة عليهم فيها ، ويرسم لهم صورة مضحكة تثير السخرية والعجب من أمرهم الغريب :

( فما لهم عن التذكرة معرضين ? كأنهم حمر مستنفرة ، فرت من قسورة ? ) . .

ومشهد حمر الوحش وهي مستنفره تفر في كل اتجاه ، حين تسمع زئير الأسد وتخشاه . . مشهد يعرفه العرب . وهو مشهد عنيف الحركة . مضحك أشد الضحك حين يشبه به الآدميون ! حين يخافون ! فكيف إذا كانوا إنما ينفرون هذا النفار الذي يتحولون به من آدميين إلى حمر ، لا لأنهم خائفون مهددون بل لأن مذكرا يذكرهم بربهم وبمصيرهم ، ويمهد لهم الفرصة ليتقوا ذلك الموقف الزري المهين ، وذلك المصير العصيب الأليم ? !

إنها الريشة المبدعة ترسم هذا المشهد وتسجله في صلب الكون ، تتملاه النفوس ، فتخجل وتستنكف أن تكون فيه ، ويروح النافرون المعرضون أنفسهم يتوارون من الخجل ، ويطامنون من الإعراض والنفار ، مخافة هذا التصوير الحي العنيف !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَأَنّهُمْ حُمُرٌ مّسْتَنفِرَةٌ * فَرّتْ مِن قَسْوَرَةٍ * بَلْ يُرِيدُ كُلّ امْرِىءٍ مّنْهُمْ أَن يُؤْتَىَ صُحُفاً مّنَشّرَةً * كَلاّ بَل لاّ يَخَافُونَ الاَخِرَةَ } .

يقول تعالى ذكره : فما لهؤلاء المشركين بالله عن التذكرِة معرِضين ، مولّين عنها تولية الحُمُر المستنفرة فَرّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ .

واختلف القرّاء في قراءة قوله : مُسْتَنْفِرَةٌ ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بكسر الفاء ، وفي قراءة بعض المكيين أيضا بمعنى نافرة .

والصواب من القول في ذلك عندنا ، أنهما قراءتان معروفتان ، صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وكان الفرّاء يقول : الفتح والكسر في ذلك كثيران في كلام العرب وأنشد :

أمْسِكْ حِمارَكَ إنّهُ مُسْتَنْفِرٌ *** فِي إثْرِ أحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرّب

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

كأنهم حمر مستنفرة شبههم في إعراضهم ونفارهم عن استماع الذكر بحمر نافرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

وقوله تعالى في صفة الكفار المعرضين بتول واجتهاد في نفور { كأنهم حمر مستنفرة } إثبات لجهالتهم لأن الحمر من جاهل الحيوان جداً ، وقرأ الأعمش : «حمْر » بإسكان الميم ، وفي حرف ابن مسعود «حمر نافرة » ، وقرأ نافع وابن عامر والمفضل عن عاصم : «مستنفَرة » بفتح الفاء ، وقرأ الباقون بكسرها ، واختلف عن نافع وعن الحسن والأعرج ومجاهد ، فأما فتح الفاء فمعناها استنفرها فزعها من القسورة ، وأما كسر الفاء فعلى أن نفر واستنفر بمعنى واحد مثل عجب واستعجب وسخر واستسخر فكأنها نفرت هي ، ويقوي ذلك قوله تعالى { فرت }