البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

ثم شبههم بالحمر المستنفرة في شدة إعراضهم ونفارهم عن الإيمان وآيات الله تعالى .

وقرأ الجمهور : { حمر } بضم الميم ؛ والأعمش : بإسكانها .

قال ابن عباس : المراد الحمر الوحشية ، شبههم تعالى بالحمر مذمة وتهجيناً لهم .

وقرأ نافع وابن عامر والمفضل عن عاصم : { مستنفرة } بفتح الفاء ، والمعنى : استنفرها : فزعها من القسورة ؛ وباقي السبعة : بكسرها ، أي نافرة نفر ، واستنفر بمعنى عجب واستعجب وسر واستسخر ، ومنه قول الشاعر :

أمسك حمارك إنه مستنفر *** في إصر أحمرة عهدن لعرّب

ويناسب الكسر قوله : { فرّت } .

وقال محمد بن سلام : سألت أبا سرار العتوي ، وكان أعرابياً فصيحاً ، فقلت : كأنهم حمر ماذا مستنفرة طردها قسورة ؟ فقلت : إنما هو { فرّت من قسورة } ، قال : أفرّت ؟ قلت : نعم ، قال : فمستنفرة إذن .