معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَتَذَرُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ} (21)

{ كلا بل تحبون العاجلة . وتذرون الآخرة } قرأ أهل المدينة والكوفة { تحبون } { وتذرون } بالتاء فيهما ، وقرأ الآخرون بالياء أي يختارون الدنيا على العقبى ، ويعملون لها ، يعني : كفار مكة ، ومن قرأ بالتاء فعلى تقدير : قل لهم يا محمد : بل تحبون وتذرون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتَذَرُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ} (21)

ثم يمضي سياق السورة في عرض مشاهد القيامة وما يكون فيها من شأن النفس اللوامة ، فيذكرهم بحقيقة نفوسهم وما يعتلج فيها من حب للدنيا وانشغال ، ومن إهمال للآخرة وقلة احتفال ؛ ويواجههم بموقفهم في الآخرة بعد هذا وما ينتهي إليه حالهم فيها . ويعرض لهم هذا الموقف في مشهد حي قوي الإيحاء عميق الإيقاع :

( كلا . بل تحبون العاجلة ، وتذرون الآخرة . وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة ؛ ووجوه يومئذ باسرة ، تظن أن يفعل بها فاقرة ) . .

وأول ما يلحظ من ناحية التناسق في السياق هو تسمية الدنيا بالعاجلة في هذا الموضع . ففضلا عن إيحاء اللفظ بقصر هذه الحياة وسرعة انقضائها - وهو الإيحاء المقصود - فإن هناك تناسقا بين ظل اللفظ وظل الموقف السابق المعترض في السياق ، وقول الله تعالى لرسوله [ صلى الله عليه وسلم ]( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) . . فهذا التحريك وهذه العجلة هي أحد ظلال السمة البشرية في الحياة الدنيا . . وهو تناسق في الحس لطيف دقيق يلحظه التعبير القرآني في الطريق !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَتَذَرُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ} (21)

يقول تعالى ذكره لعباده المخاطبين بهذا القرآن المؤثرين زينة الحياة الدنيا على الاَخرة : ليس الأمر كما تقولون أيها الناس من أنكم لا تبعثون بعد مماتكم ، ولا تجازون بأعمالكم ، لكن الذي دعاكم إلى قيل ذلك محبتكم الدنيا العاجلة ، وإيثاركم شهواتها على آجل الاَخرة ونعيمها ، فأنتم تؤمنون بالعاجلة ، وتكذّبون بالاَجلة ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : كَلاّ بَلْ تُحِبّونَ العاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الاَخِرَةَ اختار أكثر الناس العاجلة ، إلاّ من رحم الله وعصم .