الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَتَذَرُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ} (21)

- ثم قال تعالى : ( كلا بل تحبون العاجلة )

أي : ليس {[71954]} الأمر أيها الناس على قولكم : إنكم لا تبعثون ولا تجازون بأعمالكم . و لكن الذي دعاكم إلى ذلك [ حبكم ] {[71955]} الدنيا وزينتها ، وإيثاركم عاجلها على آجل الآخرة ، ونعيمها الدائم . فأنتم لذلك تؤمنون بالعاجلة وتكذبون بالآجلة {[71956]} .

( ويجوز أن تكون {[71957]} " كلا " بمعنى " حقا " أو بمعنى " ألا " . قال قتادة : اختار الناس العاجلة إلا من عصم الله ) {[71958]} .


[71954]:- القاعدة عند مكي في "كلا" –كما قررها في كتابه شرح كلا: 23- أنها إذا فسرت بالنفي فإنها تكون نافية لأقرب معنى مذكور قبلها. ولذلك لم يستحسن مكي ص 44 الوقف على "كلا" لأن في ذلك نفي ما تضمن الله لنا من بيان كتابه. وهو هاهنا في التفسير جعلها نافية لما ذكر في أول السورة، وهذا وإن كان جائزا، إلا أنه يخالف القاعدة التي أكد عليها مكي بشدة في كتابه. وقد عدل عن كون "كلا" بمعنى النفي إلى كونها بمعنى "حقا" أو بمعنى "ألا" قال "وكونها بمعنى حقا هنا –أي في هذه الآية- أحسن ليؤكد بها ما أخبر الله عن عباده من محبتهم الدنيا وزهدهم في الآخرة وذلك صحيح في الخلق إلا من عصم الله ووفقه" ص: 44-45. وهذا الذي استحسنه مكي إنما اعتبره في تفسيره جائزا لا غير كما سيأتي.
[71955]:- م: حببكم.
[71956]:- أ: تومنون بالعاجلة على الآجلة. وانظر جامع البيان 29/191.
[71957]:- ب: يكون.
[71958]:- ما بين قوسين ساقط من أ. وانظر قول قتادة في جامع البيان 29/191 ولفظه "اختار أكثر الناس العاجلة إلا من رحم الله وعصم".