معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

قوله تعالى : { ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد } . فيعذب بغير ذنب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

وأن عذابهم ليس ظلما من الله لهم ، فإنه { ليس بظلام للعبيد } فإنه منزه عن ذلك ، وإنما ذلك بما قدمت أيديهم من المخازي والقبائح ، التي أوجبت استحقاقهم العذاب ، وحرمانهم الثواب .

وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في قوم من اليهود ، تكلموا بذلك ، وذكروا منهم " فنحاص بن عازوراء " من رؤساء علماء اليهود في المدينة ، وأنه لما سمع قول الله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } { وأقرضوا الله قرضا حسنا } قال : -على وجه التكبر والتجرهم- هذه المقالة قبحه الله ، فذكرها الله عنهم ، وأخبر أنه ليس ببدع من شنائعهم ، بل قد سبق لهم من الشنائع ما هو نظير ذلك ، وهو : { قتلهم الأنبياء بغير حق } هذا القيد يراد به ، أنهم تجرأوا على قتلهم مع علمهم بشناعته ، لا جهلا وضلالا ، بل تمردا وعنادا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

وقوله تعالى : { ذلك بما قدمت أيديكم } توبيخ وتوقيف داخل فيما يقال لهم يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون خطاباً لمعاصري النبي عليه السلام يوم نزول الآية ، ونسب هذا التقديم إلى اليد إذ هي الكاسبة للأعمال في غالب أمر الإنسان ، فأضيف كل كسب إليها ، ثم بين تعالى : أنه يفعل هذا بعدل منه فيهم ووضع الشيء موضعه ، والتقدير : وبأن الله { ليس بظلام للعبيد } وجمع «عبداً » في هذه الآية على عبيد ، لأنه مكان تشفيق وتنجية من ظلم{[3753]} .


[3753]:- صيغة (ظلاّم) تفيد الكثرة –وقد قيل: أنه تكثير بسبب المتعلق- وذهب بعضهم إلى أن (فعّال) قد يجيء ولا يراد به الكثرة كقول طرفة: ولست بحلاّل التلاع مخافة ولكن متى يسترفد القوم أرفد. فهو لا يريد أنه قد يحل التلاع قليلا، لأن عجز البيت يدفعه، فدل على نفي البخل في كل حال، وتمام المدح لا يحصل بإرادة الكثرة- وقيل: إذا نفي الظلم الكثير اتبع القليل ضرورة، لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم- فإذا ترك الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضرر كان للظلم القليل المنفعة أترك، وهذا ما يليق بعدل الله تعالى.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

الإشارة في قوله : { ذلك بما قدمت أيديكم } للعذاب المشاهد يومئذ ، وفيه تهويل للعذاب . والباء للسببية على أنّ هذا العذاب لعظم هَوله ممّا يُتساءل عن سببه . وعطف قوله : { وأن الله ليس بظلام للعبيد } على مجرور الباء ، ليكون لهذا العذاب سببان : ما قدّمتْه أيديهم ، وعَدْل الله تعالى ، فما قدّمت أيديهم أوجب حصول العذاب ، وعدْل الله أوجب كون هذا العذاب في مقداره المشاهد من الشدّة حتّى لا يظنّوا أن في شدّته إفراطاً عليهم في التعذيب .