{ ذلك } العذاب أو الوعيد { بما قدمت أيديكم } من السب والقتل . وذكر الأيدي لأن أكثر الأعمال يباشر باليد ، فجعل كل عمل كالواقع بالأيدي على سبيل التغليب وإن كان بعضه باللسان أو بسائر الجوارح والآلات . وإنما جمع لأن المخاطب جمع ولو كان مفرداً . قيل : بما قدمت يداك مثنى كما في سورة الحج . قال الجبائي : قوله : { وأن الله } أي وبأن الله ليس بظلام للعبيد ، فيه دلالة على أن فعل العقاب بهم كان يكون ظلماً بتقدير أن لا يقع منهم الذنوب . وفيه بطلان قول المجبرة أن الله يعذب الأطفال بغير جرم ويجوز أن يعذب البالغين بغير ذنب ، ويدل على كون العبد فاعلاً وإلا لكان الظلم حاصلاً . والجواب أنه لم ينف الظلم عن نفسه بمعنى أن الجزاء إنما كان مرتباً على الذنب الصادر بكسب العبد وفعله فلا ظلم ، بل بمعنى أنه مالك الملك ، والمالك إذا تصرف في ملكه كيف شاء لم يكن ذلك ظلماً . فخلق ذلك الفعل فيهم وترتيب العذاب عليه لا يكون ظلماً . قيل : إنه نفى الظلم الكثير عن نفسه وذلك يوهم ثبوت أصل الظلم له ، أجاب القاضي بأن العذاب الذي توعد بأن يفعل بهم لو كان ظلماً لكان عظيماً ، فنفاه على حد عظمه لو كان ثابتاً . وهذا يؤكد ما ذكر أن إيصال العقاب إليهم كان يكون ظلماً عظيماً لو لم يكونوا مذنبين ، أقول : إنه تعالى نفى حقيقة الظلم عنه في قوله :{ وما ظلمناهم }[ هود :101 ]{ وهم لا يظلمون }[ البقرة :281 ] وبحقيقة ما ذكرناه أنه مالك الكل له أن يتصرف في ملكه كيف يشاء ، ولكنه نفى ههنا كثرة الشر والظلم أن يصدر عنه كأنه قال : إن خُيِّلَ إليكم أن في الوجود شراً بناء على ما في ظنكم من أن الحكيم قد يصدر عنه الشر القليل بتبعية الخير الكثير ، فاعلموا أني منزه عن صدور الشر الكثير مني ، وأن هذا من الشر القليل الذي في ضمنه خير كثير . ونقول : أراد نفي الشر القليل وأصل الظلم عنه ، ولكن القليل من الظلم بالنسبة إلى رحمته الذاتية كثير ، فلهذا عبر عنه بلفظ الكثرة والمبالغة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.