السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

{ ذلك } أي : العذاب { بما قدّمت أيديكم } من الافتراء وقتل الأنبياء وغير ذلك من المعاصي وعبر بالأيدي عن الأنفس ؛ لأنّ أكثر أعمالها بهنّ { وأنّ الله ليس بظلام } أي : بذي ظلم { للعبيد } فيعذبهم بغير ذنب .

فإن قيل : ظلام للمبالغة المقتضية للتكثير فهو أخص من ظالم ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعمّ أجيب : بأنه لما قوبل بالعبيد وهم كثيرون ناسب أن يقابل الكثير بالكثير وبأنه إذا نفي الظلم الكثير ينفى القليل ؛ لأنّ الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم ، فإذا ترك كثيره مع زيادة نفعه فيمن يجوز عليه النفع والضر كان لقليله مع قلة نفعه أترك وبأن ظلام للنسب كما قدّرته في الآية الكريمة ، كما في بزاز وعطار أي : لا ينسب إليه ظلم البتة .