ثم ذكر أن الناس انقسموا بحسب طاعة الشيطان وعدمها إلى قسمين ، وذكر جزاء كل منهما ، فقال : { الَّذِينَ كَفَرُوا } أي : جحدوا ما جاءت به الرسل ، ودلت عليه الكتب { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } في نار جهنم ، شديد في ذاته ووصفه ، وأنهم خالدون فيها أبدا .
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم ، بما دعا اللّه إلى الإيمان به { وَعَمِلُوا } بمقتضى ذلك الإيمان ، بجوارحهم ، الأعمال { الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم ، يزول بها عنهم الشر والمكروه { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } يحصل به المطلوب .
لما ذكر [ الله ]{[24458]} تعالى أن أتباع إبليس مصيرهم إلى [ عذاب ]{[24459]} السعير ، ذكر بعد ذلك أن الذين كفروا لهم عذاب شديد{[24460]} ؛ لأنهم أطاعوا الشيطان وعَصَوا الرحمن ، وأن الذين آمنوا بالله ورسله { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } أي : لما كان منهم من ذنب ، { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } على ما عملوه من خير .
القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَهُم مّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } .
يقول تعالى ذكره : الّذِينَ كَفَروا بالله ورسوله لَهُمْ عَذَابٌ من الله شَدِيدٌ ، وذلك عذاب النار . وقوله : وَالّذِينَ آمَنُوا يقول : والذين صدّقوا الله ورسوله ، وعملوا بما أمرهم الله ، وانتهوا عما نهاهم عنه لَهُمْ مَغْفِرَةٌ من الله لذنوبهم وأجْرٌ كَبِيرٌ وذلك الجنة ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وأجْرٌ كَبِيرٌ وهي الجنة .
وقوله { الذين كفروا } في موضع رفع بالابتداء وهذا هو الحسن لعطف { الذين آمنوا } عليه بعد ذلك فهي جملتان تعادلتا ، وجوز بعض الناس في { الذين } أن يكون بدلاً من الضمير في { يكونوا } وجوز غيره أن يكون { الذين } في موضع نصب بدلاً من { حزبه } وجوز بعضهم أن يكون في موضع خفض بدلاً من { أصحاب } وهذا كله محتمل ، غير أن الابتداء أرجح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.