ولما ذكر كرم الأرض ، وحسن شكرها لما ينزله الله عليها من المطر ، وأنها بإذن ربها ، تخرج النبات المختلف الأنواع ، أخبر أنه خلقنا منها ، وفيها يعيدنا إذا متنا فدفنا فيها ، ومنها يخرجنا تارة أخرى ، فكما أوجدنا منها من العدم ، وقد علمنا ذلك وتحققناه ، فسيعيدنا بالبعث منها بعد موتنا ، ليجازينا بأعمالنا التي عملناها عليها .
وهذان دليلان على الإعادة عقليان واضحان : إخراج النبات من الأرض بعد موتها ، وإخراج المكلفين منها في إيجادهم .
ويكمل السياق حكاية قول موسى بقول مباشر من الله جل وعلا :
( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى . ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى ) .
من هذه الأرض التي جعلناها لكم مهدا وسلكنا لكم فيها سبلا وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا به أزواجا من نبات شتى ، للأكل والمرعى . . من هذه الأرض خلقناكم ، وفي هذه الأرض نعيدكم ، ومنها نخرجكم بعد موتكم .
والإنسان مخلوق من مادة هذه الأرض . عناصر جسمه كلها من عناصرها إجمالا . ومن زرعها يأكل ، ومن مائها يشرب ، ومن هوائها يتنفس . وهو ابنها وهي له مهد . وإليها يعود جثة تطويها الأرض ، ورفاتا يختلط بترابها ، وغازا يختلط بهوائها . ومنها يبعث إلى الحياة الأخرى ، كما خلق في النشأة الأولى .
{ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } أي : من الأرض مبدؤكم ، فإن أباكم آدم مخلوق من تراب من أديم الأرض ، { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } أي : وإليها تصيرون إذا متم وبليتم ، ومنها نخرجكم تارة أخرى . { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا } [ الإسراء : 52 ] .
وهذه الآية كقوله تعالى : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } [ الأعراف : 25 ] .
وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر جنازة ، فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر ثم قال{[19404]} { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } ثم [ أخذ ]{[19405]} أخرى وقال : { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } . ثم أخذ أخرى وقال : { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.