فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ} (55)

{ منها } أي من الأرض المذكورة سابقا { خلقناكم } قال الزجاج وغيره : يعني أن آدم خلق من الأرض وأولاده منه ، فعلى هذا يكون خلق كل إنسان غير آدم من الأرض بوسائط عديدة بقدر ما بينه وما بين آدم . وقيل المعنى أن كل نطفة مخلوقة من تراب في ضمن خلق آدم ، لأن كل فرد من أفراد البشر له حظ من خلقه وعلى هذا يدل ظاهر القرآن .

{ وفيها } أي في الأرض { نعيدكم } بعد الموت فتدفنون فيها وتتفرق أجزاؤكم حتى تصير من جنس الأرض ، وجاء ب { في } دون إلى للدلالة على الاستقرار { ومنها } أي من الأرض { نخرجكم } كما أخرجناكم عند ابتداء خلقكم { تارة } أي مرة { أخرى } بالبعث والنشور وتأليف الأجسام ورد الأرواح إليها على ما كانت عليه قبل الموت .

عن عطاء الخرساني قال : إن الملك ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب ومن النطفة ، وذلك قوله : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم } .

وأخرج أحمد والحاكم عن أبي أمامة قال : لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } ، بسم الله ؛وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله ) {[1187]}

وفي حديث في السنن أنه أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر وقال : ( منها خلقناكم-ثم أخرى -وقال : وفيها نعيدكم- ثم أخرى- وقال : ومنها نخرجكم تارة أخرى ) .


[1187]:المستدرك كتاب التفسير 2/379.