اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ} (55)

قوله تعالى : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } الآية ، لما ذكر منافع الأرض السماء بيَّن أنَّها غير مخلوقة لذاتها ، بل بكونها وسائل إلى منافع الآخرة ، فقال : " مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ " أي من الأرض .

فإن قيل : إنَّما خَلَقَنَا{[24926]} من النُّطْفَةِ على ما بَيَّنَ في سائر الآيات{[24927]} .

فالجواب من وجوه :

الأول : أنَّه لمَّا خَلَق{[24928]} أصلنا وهو آدم -عليه السلام{[24929]}- من تُرابٍ كما قال تعالى : { كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } حسن إطلاق ذلك علينا{[24930]} .

الثاني : أنَّ تَوَلُّدَ الإنسان إنَّما هو من النطفة ودم الطمث ، وهما يتولدَّان من الأغذية ، والغذاء إما حيواني أو نباتي ، والحيواني ينتهي إلى النباتي ، والنبات إنما يحدث{[24931]} من امتزاج الماء والتراب ، فصح أنه سبحانه خَلَقَنا مِنْهَا ، وذلك لا ينافي كوننا مخلوقين من النطفة .

الثالث : روى ابن مسعود أن مَلَكَ الأرحام يأتي إلى الرَّحيم حين يكتب أجل المولود ورزقَه ، والأرض التي يُدْفَن فيها ، وأنه يأخذ من تراب تلك البقعة وينثره على النطفة ، ثم يدخلها في الرحم{[24932]} . ثم قال : { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } أي عند الموت{[24933]} ، { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أخرى } عند{[24934]} البعث .


[24926]:في ب: المخلوقات. وهو تحريف.
[24927]:في ب: ذكر. وهو تحريف.
[24928]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[24929]:[آل عمران: 59].
[24930]:في الأصل: عليه. وهو تحريف.
[24931]:في ب: ينتهي. وهو تحريف.
[24932]:انظر الفخر الرازي 22/69 -70.
[24933]:في ب: عند الموت والدفن.
[24934]:في ب: يوم وهو تحريف.