معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } قال الله عز وجل : { أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير } وجواب لو محذوف ، ومجازه : يدعوهم فيتبعونه ، يعني : يتبعون الشيطان وإن كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

ولهذا قال : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ } على أيدي رسله ، فإنه الحق ، وبينت لهم أدلته الظاهرة { قَالُوا } معارضين ذلك : { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } فلا نترك ما وجدنا عليه آباءنا لقول أحد كائنا من كان .

قال تعالى في الرد عليهم وعلى آبائهم : { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } فاستجاب له آباؤهم ، ومشوا خلفه ، وصاروا من تلاميذ الشيطان ، واستولت عليهم الحيرة .

فهل هذا موجب لاتباعهم لهم ومشيهم على طريقتهم ، أم ذلك يرهبهم من سلوك سبيلهم ، وينادي على ضلالهم ، وضلال من اتبعهم .

وليس دعوة الشيطان لآبائهم ولهم ، محبة لهم ومودة ، وإنما ذلك عداوة لهم ومكر بهم ، وبالحقيقة أتباعه من أعدائه ، الذين تمكن منهم وظفر بهم ، وقرت عينه باستحقاقهم عذاب السعير ، بقبول دعوته .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

وإذا قيل لهم : اتبعوا ما أنزل الله قالوا : بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا . .

فهذا هو سندهم الوحيد ، وهذا هو دليلهم العجيب ! التقليد الجامد المتحجر الذي لا يقوم على علم ولا يعتمد على تفكير . التقليد الذي يريد الإسلام أن يحررهم منه ؛ وأن يطلق عقولهم لتتدبر ؛ ويشيع فيها اليقظة والحركة والنور ، فيأبوا هم الانطلاق من إسار الماضي المنحرف ، ويتمسكوا بالأغلال والقيود .

إن الإسلام حرية في الضمير ، وحركة في الشعور ، وتطلع إلى النور ، ومنهج جديد للحياة طليق من إسار التقليد والجمود . ومع ذلك كان يآباه ذلك الفريق من الناس ، ويدفعون عن أرواحهم هداه ، ويجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير . . ومن ثم يسخر منهم ويتهكم عليهم ، ويشير من طرف خفي إلى عاقبة هذا الموقف المريب :

أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ? . .

فهذا الموقف إنما هو دعوة من الشيطان لهم ، لينتهي بهم إلى عذاب السعير . فهل هم مصرون عليه ولو قادهم إلى ذلك المصير ? . . لمسة موقظة ومؤثر مخيف ، بعد ذلك الدليل الكوني العظيم اللطيف .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىَ عَذَابِ السّعِيرِ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادلون في توحيد الله جهلاً منهم بعظمة الله : اتبعوا أيها القوم ما أنزل الله على رسوله ، وصدّقوا به ، فإنه يفرق بين المحقّ منا والمبطل ، ويفصل بين الضّالّ والمهتدى ، فقالوا : بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الأديان ، فإنهم كانوا أهل حقّ . قال الله تعالى ذكره أوَ لَوْ كانَ الشّيْطانُ يَدْعُوهُمْ بتزيينه لهم سوء أعمالهم ، واتباعهم إياه على ضلالتهم ، وكفرهم بالله وتركهم اتباع ما أنزل الله من كتابه على نبيه إلى عَذَابِ السّعِيرِ يعني : عذاب النار التي تتسعر وتلتهب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

ثم وقف الله تعالى -وهم المراد بالتوقيف- على اتباعهم دين آبائهم أيكون وهم بحال من يصير { إلى عذاب السعير } فكان القائل منهم يقول هم يتبعون دين آبائهم ولو كان مصيرهم إلى السعير فدخلت ألف التوقيف على حرف العطف كما كان اتساق الكلام فتأمله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

وجملة { وإذا قيل لهم } الخ عطف على صلة { مَن ، } أي : مَن حالهم هذا وذاك ، وتقدم نظير هذه الجملة في سورة البقرة ( 170 ) .

والضمير المنصوب في قوله { يدعوهم } عائد إلى الآباء ، أي أيتبعون آباءهم ولو كان الشيطان يَدعو الآباء إلى العذاب فهم يتبعونهم إلى العذاب ولا يهتدون . و { لو } وصلية ، والواو معها للحال .

والاستفهام تعجيبي من فظاعة ضلالهم وعماهم بحيث يتبعون من يدعوهم إلى النار ، وهذا ذم لهم . وهو وزان قوله في آية البقرة ( 170 ) : { أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً } والدعاء إلى عذاب السعير : الدعاء إلى أسبابه . والسعير تقدم في قوله تعالى : { كلما خَبَتْ زِدْنَاهم سعيراً } في سورة الإسراء ( 97 ) .