نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

ولما كان المجادل بغير واحد من هذه الثلاثة تابعاً هواه{[54065]} مقلداً مثله قطعاً ، وكان حال المجادلين هذا لظهور أدلة الوحدانية عجباً ، عجب منهم تعجيباً{[54066]} آخر بإقامتهم على الضلال مع إيضاح الادلة فقال : { وإذا قيل } أي من أيّ قائل كان . ولما كان ضلال الجمع أعجب من ضلال الواحد ، وكان التعجيب من جدال الواحد{[54067]} تعجيباً من جدال الاثنين فأكثر{[54068]} من باب الأولى ، أفرد أولاً{[54069]} وجمع هنا فقال : { لهم } أي للمجادلين هذا الجدال : { اتبعوا ما } {[54070]}أي ابذلوا جهدكم في تبع الذي ، وأظهر لزيادة التشنيع أيضاً فقال{[54071]} : { أنزل الله } الذي خلقكم وخلق آباءكم الأولين ، وهو الذي لا عظيم إلا هو { قالوا } جموداً : لا نفعل{[54072]} { بل نتبع } وإن جاهدنا{[54073]} بالأنفس والأموال { ما وجدنا عليه آباءنا } لأنهم أثبت منا عقولاً ، وأقوم قيلاً ، وأهدى سبيلاً .

ولما كانوا لا يسلكون طريقاً حسياً{[54074]} بغير دليل ، كان التقدير : أتتبعونهم لو كان الهوى يدعوهم فيما وجدتموهم عليه{[54075]} إلى ما يظن فيه الهلاك ، لكونه بغير دليل ، فعطف عليه قوله{[54076]} : { أو لو كان الشيطان } أي البعيد من الرحمة المحترق باللعنة ، وهو أعدى اعدائهم ، دليلهم فهو { يدعوهم } {[54077]}إلى الضلال فيوقعهم فيما يسخط الرحمن فيؤديهم ذلك { إلى عذاب السعير* } وعبر بالمضارع تصويراً لحالهم في ضلالهم وأنه مستمر ، وأطلق العذاب على سببه .


[54065]:زيدت الواو في ظ.
[54066]:في ظ: تعجبا.
[54067]:زيد من ظ وم ومد.
[54068]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: قاله.
[54069]:زيد من ظ وم ومد.
[54070]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54071]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54072]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا يعقل.
[54073]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جاهدوا.
[54074]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: حسنا.
[54075]:زيد من ظ وم ومد.
[54076]:سقط من ظ.
[54077]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.