السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

بل إنما يجادل بالتقليد كما قال تعالى : { وإذا قيل } أي : من أي : قائل كان { لهم } أي : المجادلين هذا الجدال { اتبعوا ما أنزل الله } أي : الذي خلقكم وخلق آباءكم الأوّلين { قالوا } جحوداً لا نفعل { بل نتبع } وإن أتيتنا بكل دليل { ما وجدنا عليه آباءنا } لأنهم أثبت منا عقولاً وأقوم قيلاً وأهدى سبيلا ، فهذه المجادلة في غاية القبح فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى كلام الله وهم يأخذون بكلام آبائهم ، وبين كلام الله تعالى وبين كلام العلماء بون عظيم فكيف ما بين كلام الله تعالى وكلام الجهال { أولو } أي : أيتبعونهم ولو { كان الشيطان } أي : البعيد من الرحمة ، المحترق باللعنة { يدعوهم } إلى الضلال فيوبقهم فيما يسخط الرحمان فيؤديهم لك { إلى عذاب السعير } وجواب لو محذوف مثل لا تتبعوه ، والاستفهام للإنكار والتعجب ، والمعنى أن الله تعالى يدعوهم إلى الثواب والشيطان يدعوهم إلى العذاب وهم مع هذا يتبعون الشيطان .