تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

الآية 21 وقوله تعالى : { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير } ؟ كقوله( {[16247]} ) في آية أخرى : { أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون } [ البقرة : 170 ] [ وقوله في آيات أخر ]( {[16248]} ) : { قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون } { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } { *قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون } [ الزخرف : 22 و23 و24 ] .

كأنه يقول لرسول الله : أن قل لهم : تتبعون آباءكم ، وتقلّدونهم ، وإن ظهر لكم ، وتبين ، أن الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ؟ وأنهم من أصحاب السعير ؟ وتتبعون آثارهم ، وتقتدون بهم ، وإن ظهر لكم ، وتبين أن الذي أدعوكم إليه( {[16249]} ) ، وجئتكم [ به ]( {[16250]} ) أهدى مما عليه آباؤكم ، إذ تتبعون آباؤكم ، وإن ظهر لكم ، وتبين أن آباءكم كانوا لا يعقلون شيئا ، ولا يهتدون .

حتى إن قالوا : نعم نتبعهم ، وإن كانوا كما ذكرت ، فإنه يظهر ، ويتبين عنادهم ومكابرتهم عند إتباعهم [ إياهم حين ]( {[16251]} ) ظهر الحق لهم ، فلم يتبعوه ، بل اتبعوا أهواءهم .

ويظهر كذبهم في قولهم : { والله أمرنا بها } [ الأعراف : 28 ] أو في قولهم : [ { بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا } [ البقرة : 170 ] ]( {[16252]} ) بل في آبائهم من هو على خلاف ما هم عليه [ أو في قولهم : { حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا } [ المائدة : 104 ] ]( {[16253]} ) .

وإن قالوا : لا نتبعهم إذا كانوا على ما ذكرت فعند ذلك يقترن ، ويثبت عندهم بالحجج والبراهين .

وفيه دلالة : أن أهل الفترة يعذبون ، ويؤاخذون بتركهم الدين والشرائع ، لأن هؤلاء الذين أخبر أنهم من أصحاب السعير ، هم أهل الفترة ما بين عيسى وبين محمد .

وأهل التأويل يقولون : { أو لو كان الشيطان يدعوهم } أي بل كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير .

ومحمد بن إسحاق يقول : { ولا تصعّر خدّك للناس } أي لا تعرض بوجهك تكبرا عن فقراء الناس إذا كلموك و { مرحا } أي فخرا بالخيلاء والعظمة { إن الله لا يحب كل مختال فخور } [ لقمان : 18 ] أي بطر مرح فخور في نعم الله ، لا يأخذ بالشكر { واقصد في مشيك } [ أي امش ]( {[16254]} ) رويدا ؛ لا تختل في مشيك ، ولا تنظر حيث لا يحل ، { واغضض } أي اخفض { من صوتك } أي من كلامك . يأمر لقمان ابنه بالاقتصاد في المشي والمنطق .

ثم ضرب للصوت الرفيع مثلا : { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } لشدة صوتهم .

وقوله : { ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات } يعني الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح { وما في الأرض } وسخر لكم ما في الأرض أي الجبال والأنهار والبحار [ وما فيها من ]( {[16255]} ) السفن والأشجار والنبت عاما بعام [ والدواب .

وقوله تعالى : ]( {[16256]} ) : { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة } تسوية الخلق والرزق والإسلام { وباطنة } : أي ما ستر من الذنوب من ابن آدم ، فلم يعلم بها أحد ، ولم يعاقب فيها . فهذا كله من النعم . فالحمد لله على ذلك حمدا كثيرا كما هو أهله .

وقال في قوله : { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } في زعمه أن لله البنات أي الملائكة { ولا هدى } أي لا بيان معه من الله بما يقول { ولا كتاب منير } له ، فيه حجة .

وأصله ما ذكرنا { يجادل في الله } من الوجوه التي ذكرنا { بغير علم } من جهة العقل { ولا هدى } أي ولا بيان من جهة السنة { ولا كتاب منير } من الله ، فيه حجة له ، وأسباب العلم هذه ، فلم يكن له شيء مما ذكر ، وبالله العصمة .

وقال أبو عوسجة : المرح النشاط ، وهذا لا يكون إلا من الكبر لأنه يتبختر { واقصد في مشيك } أي امش مشيا رفيقا { واغضض من صوتك } /418-أ/ أي ارفق لا تصوت صوتا شديدا ، وهذا أيضا من التبختر { وأسبغ } أي أوسع ، والسابغ الواسع التام الطويل العريض .

وقال القتبي : الأصغر معرض الوجه { أنكر الأصوات } أقبحها ؛ عرفة قبح رفع الصموت في المخاطبة .


[16247]:في الأصل وم: وقال.
[16248]:في الأصل وم: وقال في آية أخرى.
[16249]:في الأصل وم: أنا عليه.
[16250]:ساقطة من الأصل وم.
[16251]:في الأصل وم: حيث.
[16252]:في الأصل وم: إن آباءهم على ما هم عليه.
[16253]:في الأصل وم: ونحوه
[16254]:ساقطة من الأصل وم.
[16255]:في الأصل وم: فيها.
[16256]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.