فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

{ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } لما أزهقت حجة الله تعالى باطل المشركين والمنكرين ، وسقط إفكهم ، ونودوا ليؤمنوا بما جاءنا من الحق من ربنا ، أعرضوا وعاندوا ولم يستجيبوا )بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون( {[3445]} ، ومن قبل آتى الله تعالى خليله إبراهيم حجته على قومه ، فجادلهم بما جاء في القرآن الحكيم : )قال هل يسمعونكم إذ تدعون . أو ينفعوكم أو يضرون . قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون( {[3446]} ، ولقد عجب القرآن من ضلال هؤلاء وأولئك ومن على شاكلتهم فقال : ) . . أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون( {[3447]} ، فكأنما تواصى الطاغون بهذا الزور والبهتان ، فهم في كل عصر يعكفون على الشرك أو الجحود والنكران ، ويقلدون في ذلك أبالستهم وأسلافهم ممن ضلوا وحق عليهم الخسران ، ولهذا ختمت الآية الكريمة من هذه السورة المباركة بقول الله الحكيم : { أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير } فكأن المعنى : أيصرون على متابعة الأقدمين من أولياء الشياطين ، والشيطان إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ، والشرر المستطير ، وعذاب النار والخزي والتحسير


[3445]:سورة الزخرف. الآية 22.
[3446]:سورة الشعراء. الآيات 72، 73، 74.
[3447]:سورة البقرة. من الآية170.