مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

ثم قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور }

قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } بين أن مجادلتهم مع كونها من غير علم فهي في غاية القبح فإن النبي عليه السلام يدعوهم إلى كلام الله ، وهم يأخذون بكلام آبائهم ، وبين كلام الله تعالى وكلام العلماء بون عظيم فكيف ما بين كلام الله وكلام الجهلاء ثم إن ههنا شيئا آخر وهو أنهم قالوا : { بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } يعني نترك القول النازل من الله ونتبع الفعل ، والقول أدل من الفعل لأن الفعل يحتمل أن يكون جائزا ، ويحتمل أن يكون حراما ، وهم تعاطوه ، ويحتمل أن يكون واجبا في اعتقادهم والقول بين الدلالة ، فلو سمعنا قول قائل افعل ورأينا فعله يدل على خلاف قوله ، لكان الواجب الأخذ بالقول ، فكيف والقول من الله والفعل من الجهال ، ثم قال تعالى : { أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير } استفهاما على سبيل التعجب في الإنكار يعني الشيطان يدعوهم إلى العذاب والله يدعو إلى الثواب ، وهم مع هذا يتبعون الشيطان .