معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلًا} (77)

قوله عز وجل : { سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا } أي : كسنتنا ، فانتصب بحذف الكاف . وسنة الله في الرسل إذا كذبتهم الأمم أن لا يعذبهم ما دام نبيهم بين أظهرهم ، فإذا خرج نبيهم من بين أظهرهم عذبهم . { ولا تجد لسنتنا تحويلاً } ، أي تبديلاً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلًا} (77)

ولو فعلوا ذلك ، لم يلبثوا بعدك فيها إلا قليلا ، حتى تحل بهم العقوبة ، كما هي سنة الله التي لا تحول ولا تبدل في جميع الأمم ، كل أمة كذبت رسولها وأخرجته ، عاجلها الله بالعقوبة .

ولما مكر به الذين كفروا وأخرجوه ، لم يلبثوا إلا قليلا ، حتى أوقع الله بهم ب " بدر " وقتل صناديدهم ، وفض بيضتهم ، فله الحمد .

وفي هذه الآيات ، دليل على شدة افتقار العبد إلى تثبيت الله إياه ، وأنه ينبغي له أن لا يزال متملقًا لربه ، أن يثبته على الإيمان ، ساعيا في كل سبب موصل إلى ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق ، قال الله له : { وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا } فكيف بغيره ؟ " وفيها تذكير الله لرسوله منته عليه ، وعصمته من الشر ، فدل ذلك على أن الله يحب من عباده أن يتفطنوا لإنعامه عليهم -عند وجود أسباب الشر - بالعصمة منه ، والثبات على الإيمان .

وفيها : أنه بحسب علو مرتبة العبد ، وتواتر النعم عليه من الله يعظم إثمه ، ويتضاعف جرمه ، إذا فعل ما يلام عليه ، لأن الله ذكر رسوله لو فعل - وحاشاه من ذلك - بقوله : { إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }

وفيها : أن الله إذا أراد إهلاك أمة ، تضاعف جرمها ، وعظم وكبر ، فيحق عليها القول من الله فيوقع بها العقاب ، كما هي سنته في الأمم إذا أخرجوا رسولهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلًا} (77)

73

ولو أخرجوا الرسول [ ص ] عنوة وقسرا لحل بهم الهلاك ( وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا ) فهذه هي سنة الله النافذة : ( سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ، ولا تجد لسنتنا تحويلا ) .

ولقد جعل الله هذه سنة جارية لا تتحول ، لأن إخراج الرسل كبيرة تستحق التأديب الحاسم . وهذا الكون تصرفه سنن مطردة ، لا تتحول أمام اعتبار فردي . وليست المصادفات العابرة هي السائدة في هذا الكون ، إنما هي السنن المطردة الثابتة . فلما لم يرد الله أن يأخذ قريشا بعذاب الإبادة كما أخذ المكذبين من قبل ، لحكمة علوية ، لم يرسل الرسول بالخوارق ، ولم يقدر أن يخرجوه عنوة ، بل أوحى إليه بالهجرة . ومضت سنة الله في طريقها لا تتحول . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلًا} (77)

القول في تأويل قوله تعالى { سُنّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنّتِنَا تَحْوِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : لو أخرجوك لم يلبثوا خلافك إلاّ قليلاً ، ولأهلكناهم بعذاب من عندنا ، سنتنا فيمن قد أرسلنا قبلك من رسلنا ، فإنا كذلك كنا نفعل بالأمم إذا أخرجت رسلها من بين أظهرهم ونصبت السنة على الخروج من معنى قوله لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إلاّ قَلِيلاً لأن معنى ذلك : لعذّبناهم بعد قليل كسنتنا في أمم من أرسلنا قبلك من رسلنا ، ولا تجد لسنتنا تحويلاً عما جرت به . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : سُنّةَ مَنْ قَدْ أرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنّتِنا تَحْوِيلاً : أي سنة الأمم والرسل كانت قبلك كذلك إذا كذّبوا رسلهم وأخرجوهم ، لم يناظروا أن الله أنزل عليهم عذابه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيلًا} (77)

وقوله { سنّة } نصب على المصدر ، وقال الفراء نصبه على حذف الخافض ، لأن المعنى كسنة ، فحذفت الكاف ونصب ويلزمه على هذا أن لا يقف على قوله { قليلاً } ، ومعنى الآية الإخبار أن سنة الله تعالى في الأمم الخالية وعادته أنها إذا أخرجت نبيها من بين أظهرها نالها العذاب واستأصلها الهلاك فلم تلبث بعده إلا قليلاً .