وقوله : { وَإنّ لَكَ لأجْرا غَيْرَ مَمْنُون } يقول تعالى ذكره : وإن لك يا محمد لثوابا من الله عظيما على صبرك على أذى المشركين إياك ، غير منقوص ولا مقطوع ، من قولهم : حبل منين ، إذا كان ضعيفا ، وقد ضعفت منّته : إذا ضعفت قوّته . وكان مجاهد يقول في ذلك ما :
حدثني به محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : غَيْرَ مَمْنُونٍ قال : محسوب .
ولما ثبت الله رسوله صلى الله عليه وسلم فدفع بهتان أعدائه أعقبه بإكرامه بأجر عظيم على ما لقيه من المشركين من أذى بقوله { وإن لك لأجرا غير ممنون } بقرينة وقوعه عقب قوله { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } ، مؤكدا ذلك بحرف { إن } وبلام الابتداء وبتقديم المجرور وهو في قوله { لك } .
وهذا الأجر هو ثواب الله في الآخرة وعناية الله به ونصره في الدنيا .
و{ ممنون } يجوز أن يكون مشتقا من من المعطي على المعطى إذا عد عليه عطاءه وذكر له ، أو افتخر عليه به فإن ذلك يسوء المعطى ، قال النابغة :
علي لعمرو نعمة بعد نعمة *** لوالده ليست بذات عقارب
أي ليس فيها أذى ، والمن من الأذى قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } .
وقد انتزع من هذه الآية عبد الله بن الزبير { بكسر الموحدة } أو غيره في قوله :
قبله : سأشكر عمرا إن تراخت منيتي
ومراده عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق
ويجوز أن يكون { ممنون } مشتقا من قولهم : من الحبل ، أي أجرا غير مقطوع عنك ، وهو الثواب المتزايد كل يوم ، أو أجرا أبديا في الآخرة ، ولهذا كان لإيثار كلمة { ممنون } هنا من الإيجاز بجمع معنيين بخلاف قوله { عطاء غير مجذوذ } في سورة هود لأن ما هنا تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم .
وبعد أن آنس نفس رسوله صلى الله عليه وسلم بالوعد عاد إلى تسفيه قول الأعداء فحقق أنه متلبس بخلق عظيم وذلك ضد الجنون مؤكدا ذلك بثلاثة مؤكدات مثل ما في الجملة قبله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.