اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

الصفة الثانية : قوله : { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } أي : ثواباً على ما تحملت غير منقوص ولا مقطوع منه ، يقال : منَّ الشيء إذا ضعف ، ويقال : مننت الحبل إذا قطعته ، وحبل منين إذا كان غير متين .

قال لبيدٌ : [ الكامل ]

4809 - . . . *** غُبْسٌ كَواسِبُ مَا يُمَنُّ طَعَامُهَا{[57523]}

أي : لا يقطع ، يصف كلاباً ضارية ، ونظيره قوله تعالى { غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [ هود : 108 ] ، وقال مجاهد ومقاتل والكلبي : «غَيْرَ مَمْنُونٍ »{[57524]} أي : غير محسوب عليك ، قالت المعتزلة{[57525]} : لأنك تستوجبه على [ عملك ]{[57526]} ، وجوابهم : إن حملهم على هذا يقتضي التكرار ، لأن قوله «أجراً » يفيده ، وقال الحسنُ : غير مكدر بالمن .

وقال الضحاك : أجراً بغير عمل{[57527]} ، واختلفوا في هذا الأجرِ على أي شيء حصل ؟ فقيل : معناه إن لك على احتمال هذا الطعن ، والقول القبيح أجراً عظيماً دائماً .

وقيل : إن لك في إظهار النبوةِ ، والمعجزات في دعاء الخلق إلى الله تعالى ، وفي بيان الشرع لهم هذا الأجر الخالص الدائم ، فلا يمنعك نسبتهم إياك إلى الجنون ، عن الاشتغال بهذا المهم العظيم ، فإن لك بسببه المنزلةَ العالية .


[57523]:عجز بيت وصدره: لمعفر قهد تنازع شلوه *** ... ينظر: ديوانه (308)، والخصائص 1/297، والقرطبي 18/148، والبحر 8/303، واللسان (قهد)، (منن)، ومحاضرات الراغب 2/294، والحيوان 3/162، والرازي 30/71، ومجمع البيان 10/702.
[57524]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/179) عن مجاهد وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/389) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
[57525]:ينظر الفخر الرازي 30/71.
[57526]:في أ: ذلك.
[57527]:ذكره الماوردي (6/61) والقرطبي (18/148).