معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ} (57)

قوله تعالى : { ما أريد منهم من رزق } أي : أن يرزقوا أحداً من خلقي ولا أن يرزقوا أنفسهم ، { وما أريد أن يطعمون } أي : أن يطعموا أحداً من خلقي ، وإنما أسند الإطعام إلى نفسه ، لأن الخلق عيال الله ومن أطعم عيال أحد فقد أطعمه . كما جاء في الحديث " يقول الله : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني ، أي : فلم تطعم عبدي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ} (57)

فما يريد منهم من رزق وما يريد أن يطمعوه ، تعالى الله الغني المغني عن الحاجة إلى أحد بوجه من الوجوه ، وإنما جميع الخلق ، فقراء إليه ، في جميع حوائجهم ومطالبهم ، الضرورية وغيرها ، ولهذا قال :

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ} (57)

وقوله : ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْق يقول تعالى ذكره : ما أريد ممن خلقت من الجنّ والإنس من رزق يرزقونه خلقي وَما أُرِيدُ أنْ يُطْعِمُونَ يقول : وما أريد منهم من قوت أن يقوتوهم ، ومن طعام أن يطعموهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثنا أبي ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وما أُرِيدُ أنْ يُطْعِمُونَ قال : يطعمون أنفسهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ} (57)

{ ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } أي ما أريد أن أصرفكم في تحصيل رزقي فاشتغلوا بما أنتم كالمخلوقين له والمأمورين به ، والمراد أن يبين أن شأنه مع عباده ليس شأن السادة مع عبيدهم ، فإنهم إنما يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم ، ويحتمل أن يقدر بقل فيكون بمعنى قوله : { قل لا أسألكم عليه أجرا } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ} (57)

جملة { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } تقرير لمعنى { إلا ليعبدون } بإبطال بعض العلل والغايات التي يقصدها الصانعون شيئاً يصنعونه أو يتخذونه ، فإن المعروف في العرف أن من يتخذ شيئاً إنما يتخذه لنفع نفسه ، وليست الجملة لإِفادة الجانب المقصور دُونَه بصيغة القصر لأن صيغة القصر لا تحتاج إلى ذكر الضد . ولا يَحسن ذكر الضد في الكلام البليغ .

فقوله : { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } كناية عن عدم الاحتياج إليهم لأن أشد الحاجات في العرف حاجة الناس إلى الطعام واللباس والسكن وإنما تحصل بالرزق وهو المال ، فلذلك ابتدىء به ثم عطف عليه الإِطعام ، أي إعطاء الطعام لأنه أشد ما يحتاج إليه البشر ، وقد لا يَجده صاحب المال إذا قحط الناس فيحتاج إلى من يسلفه الطعامَ أو يُطعمه إياه ، وفي هذا تعريض بأهل الشرك إذ يُهدون إلى الأصنام الأموال والطعام تتلقاه منهم سدنة الأصنام .

والرزق هنا : المال كقوله تعالى : { فابتغوا عند الله الرزق } [ العنكبوت : 17 ] وقوله : { اللَّه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } [ الرعد : 26 ] وقوله : { ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللَّه } [ الطلاق : 7 ] ، ويطلق الرزق على الطعام كقوله تعالى : { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً } [ مريم : 62 ] ويمنع من إرادته هنا عطف { وما أريد أن يطعمون } .