معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

{ وإن لك لأجراً غير ممنون } أي : منقوص ولا مقطوع بصبرك على افترائهم عليك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

ثم ذكر سعادته في الآخرة ، فقال : { وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا } . أي : لأجرا عظيمًا ، كما يفيده التنكير ، { غير ممنون } أي : [ غير ] مقطوع ، بل هو دائم مستمر ، وذلك لما أسلفه النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة ، والأخلاق الكاملة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

ثم بشره - سبحانه - ببشارة ثانية فقال : { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } .

وقوله : { مَمْنُونٍ } مأخوذ من المن بمعنى القطع ، تقول : مننت الحبل ، إذا قطعته ، ويصح أن يكون من المن ، بمعنى أن يعطى الإِنسان غيره عطية ثم يفتخر بها عليه ، ومنه قوله - تعالى - : { ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بالمن والأذى . . . }

أي : وإن لك - أيها الرسول الكريم - عندنا ، لأجرا عظيما لا يعلم مقداره إلا نحن ، وهذا الأجر غير مقطوع بل هو متصل ودائم وغير ممنون .

وهذه الجملة الكريمة وما بعدها ، معطوفة على جملة جواب القسم ، لأنهما من جملة المقسم عليه . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

واختلف الناس في معنى : { ممنون } فقال أكثر المفسرين هو الواهن المنقطع ، يقال : حبل منين ، أي ضعيف . وقال آخرون : معناه { غير ممنون } عليك ، أي لا يكدره من به . وقال مجاهد : معناه غير مسرد ولا محسوب محصل ، أي : بغير حساب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

ولما ثبت الله رسوله صلى الله عليه وسلم فدفع بهتان أعدائه أعقبه بإكرامه بأجر عظيم على ما لقيه من المشركين من أذى بقوله { وإن لك لأجرا غير ممنون } بقرينة وقوعه عقب قوله { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } ، مؤكدا ذلك بحرف { إن } وبلام الابتداء وبتقديم المجرور وهو في قوله { لك } .

وهذا الأجر هو ثواب الله في الآخرة وعناية الله به ونصره في الدنيا .

و{ ممنون } يجوز أن يكون مشتقا من من المعطي على المعطى إذا عد عليه عطاءه وذكر له ، أو افتخر عليه به فإن ذلك يسوء المعطى ، قال النابغة :

علي لعمرو نعمة بعد نعمة *** لوالده ليست بذات عقارب

أي ليس فيها أذى ، والمن من الأذى قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } .

وقد انتزع من هذه الآية عبد الله بن الزبير { بكسر الموحدة } أو غيره في قوله :

أيادي لم تمنن وإن هي جلت قبله

قبله : سأشكر عمرا إن تراخت منيتي

ومراده عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق

ويجوز أن يكون { ممنون } مشتقا من قولهم : من الحبل ، أي أجرا غير مقطوع عنك ، وهو الثواب المتزايد كل يوم ، أو أجرا أبديا في الآخرة ، ولهذا كان لإيثار كلمة { ممنون } هنا من الإيجاز بجمع معنيين بخلاف قوله { عطاء غير مجذوذ } في سورة هود لأن ما هنا تكرمة للرسول صلى الله عليه وسلم .

وبعد أن آنس نفس رسوله صلى الله عليه وسلم بالوعد عاد إلى تسفيه قول الأعداء فحقق أنه متلبس بخلق عظيم وذلك ضد الجنون مؤكدا ذلك بثلاثة مؤكدات مثل ما في الجملة قبله .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجۡرًا غَيۡرَ مَمۡنُونٖ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإن لك لأجرا غير ممنون}، يقول: غير منقوص، لا يمن به عليك...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وإن لك يا محمد لثوابا من الله عظيما على صبرك على أذى المشركين إياك، غير منقوص ولا مقطوع... عن مجاهد قوله:"مَمْنُونٍ "قال: محسوب...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{وَإِنَّ لَكَ} على احتمال ذلك وإساغة الغصة فيه والصبر عليه {لأجْرًا} لثواباً {غَيْرَ مَمْنُونٍ} غير مقطوع كقوله: {عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] أو غير ممنون عليك به، لأنّه ثواب تستوجبه على عملك...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اختلفوا في أن هذا الأجر على أي شيء حصل؟

قال قوم معناه: إن لك على احتمال هذا الطعن والقول القبيح أجرا عظيما دائما.

وقال آخرون: المراد إن لك في إظهار النبوة والمعجزات، في دعاء الخلق إلى الله، وفي بيان الشرع لهم هذا الأجر الخالص الدائم، فلا تمنعك نسبتها إياك إلى الجنون عن الاشتغال بهذا المهم العظيم، فإن لك بسببه المنزلة العالية عند الله...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وإن لك} أي على ما تحملت من أثقال النبوة، وعلى صبرك عليهم بما يرمونك به، وهو تسلية له صلى الله عليه وسلم {لأجراً} ولما أثبت له ما يلازم العقل ويصلح لأن يكون في الدنيا وأن يكون في الآخرة دالاً بتنوينه، وما أفهمه السياق من مدحه صلى الله عليه وسلم على عظمته، وكان الأجر لا يستلزم الدوام، وقد يكون منغصاً بنوع منة قال: {غير ممنون} أي مقطوع ولا منقوص في دنياك ولا في آخرتك ولا لأحد من الناس عليك به صنيع يمتن به بأن يذكره على سبيل اللوم والتقريع، فهذا بيان السعادة، والأجر لا يكون إلا على العمل الصالح، والعمل رشح الأخلاق، فصالحه نتيجة الأخلاق الحسنة والعقل الراجح.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وإن لك لأجرا دائما موصولا، لا ينقطع ولا ينتهي، أجرا عند ربك الذي أنعم عليك بالنبوة ومقامها الكريم.. وهو إيناس كذلك وتسرية وتعويض فائض غامر عن كل حرمان وعن كل جفوة وعن كل بهتان يرميه به المشركون. وماذا فقد من يقول له ربه: (وإن لك لأجرا غير ممنون) في عطف وفي مودة وفي تكريم...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

أي غير مقطوع، لأنه ليس محدوداً بحدٍّ معيّن، فهو الأجر على الرسالة التي أعطيتها الكثير من جهدك، وعانيت ما عانيته في سبيلها، حتى اهتدى الناس بها في ما بلَّغته من آياتها، واستقام الطريق في ما حدّدته من مناهجها، وانفتحت المعرفة على آفاق واسعةٍ جديدةٍ في ما أطلقته من أفكارها، فامتدت مع الأجيال لتعمّق إحساسهم بالإيمان بالله، ولتدفع بعقولهم إلى بناء الحياة على قاعدة الحق والخير والعدل بين يدي الله، فكان لك أجر ذلك كله، لأنك ركّزت الأساس وأعليت البناء ولامست الأعماق بالمحبة والرحمة، ولا تزال الرسالة تجري مجرى الأنهار ما بقيت الحياة، ولا يزال أجرك يمتد معها امتداد النور مع الشروق.

وربما احتمل بعضهم بأن المقصود بالمنِّ المنفيّ هنا، ذكر المنعم إنعامه وترديده على أسماع المنعَم عليه أو على أسماع غيره، فأريد هنا بيان أن الأجر مما يستحقه الرسول بما جعله الله له، فلا منّة عليه. ولكن قد يلاحظ على ذلك بأن المسألة عندما تكون مع غير الله، فهناك مجالٌ للحديث عن نفي المنّة في أجره، ولكن عندما تكون المسألة في ما يمنحه الله من أجر، فإن الله يملك المنّة على كل خلقه، لأنه يملكهم ويملك أعمالهم، فليس لهم من ذلك شيءٌ، بل هو تفضُّل منه تعالى عليهم، وربما كانت الكلمة بهذا المعنى واردة على سبيل الكناية باعتبار ما تختزنه من معنى الثقل والإِذلال، ليكون المقصود هو أن هذا الأجر الذي يمنحه الله لا يحمل أيَّ معنًى من المعاني التي قد تثقل على شعوره، بل ينساب تأثيره في إحساسه انسياب الفرح الروحي في الأعماق...