معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا} (19)

{ إن الإنسان خلق هلوعاً } روى السدي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : الهلوع : الحريص على ما لا يحل له . وقال سعيد بن جبير : شحيحاً . وقال عكرمة : ضجوراً . وقال الضحاك والحسن : بخيلاً . وقال قتادة : جزوعاً . وقال مقاتل : ضيق القلب . والهلع : شدة الحرص ، وقلة الصبر . وقال عطية عن ابن عباس : تفسيره ما بعده ، وهو قوله : { إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعاً }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا} (19)

وهذا الوصف للإنسان من حيث هو وصف طبيعته الأصلية ، أنه هلوع .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا} (19)

واستثنت من تلك السجايا نفوس المؤمنين الصادقين ، فقال - تعالى - .

{ إِنَّ الإنسان خُلِقَ . . . } .

المراد بالإِنسان فى قوله - تعالى - : { إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً . إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً . وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً } جنسه لافرد معين منه ، كما فى قوله - تعالى - : { والعصر . إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ . إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات . . } وكما فى قوله - سبحانه - : { خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } ويدخل فيه الكافر دخولا أولياً ، لأن معظم الصفات التى استثنيت بعد ذلك من صفات المؤمنين الصادقين ، وعلى رأسها قوله - سبحانه - : { إِلاَّ المصلين } .

وقوله : { هَلُوعاً } صيغة مبالغة من الهلع ، وهو إفراط النفس ، وخروجها عن التوسط والاعتدال ، عندما ينزل بها ما يضرها ، أو عند ما تنال ما يسرها .

والمراد بالشر : ما يشمل الفقر والمرض وغيرهما مما يتأذى به الإِنسان .

والمراد بالخير : ما يشمل الغنى والصحة وغير ذلك مما يحبه الإِنسان ، وتميل إليه نفسه .

والجزوع : هو الكثير الجزع . أى : الخوف . والمنوع : هو الكثير المنع لنعم الله - تعالى - وعدم إعطاء شئ منها للمتحاجين إليها .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله : { إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً } الهلع : سرعة الجزع عند مس المكروه ، وسرعة المنع عند مس الخير ، من قولهم : ناقة هلوع ، أى : سريعة السير .

وسئل ابن عباس عن الهلوع فقال : هو كما قال الله - تعالى - : { إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً . وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً } .

ولا تفسير أبين من تفسيره - سبحانه - .

والإِنسان : المراد به الجنس ، أو الكافر . . وأل فى الشر والخير للجنس - أيضا .

والتعبير بقوله : { خُلِقَ هَلُوعاً } يشير إلى أن جنس الإِنسان - إلا من عصم الله - مفطور ومطبوع ، على أنه إذا أصابه الشر جزع ، وإذا مسه الخير بخل . . وأن هاتين الصفتين ليستا من الصفات التى يحبها الله - تعالى - بدليل أنه - سبحانه - قد استثنى المصلين وغيرهم من التلبس بهاتين الصفتين .

وبدليل أن من صفات المؤمن الصادق أن يكون شكورا عند الرخاء صبورا عند الضراء .

وفى الحديث الشريف ، يقول صلى الله عليه وسلم : " شر ما فى الرجل : شح هالع ، وجبن خالع " . وفى حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته صبر فكان خيرا له " .

قال الجمل : وقوله : { جَزُوعاً } و { مَنُوعاً } فيهما ثلاثة أوجه : أحدها : أنهما منصوبان على الحال فى الضمير فى { هَلُوعاً } ، وهو العامل فيهما . والتقدير : هلوعا حال كونه جزوعا وقت مس الشر ، ومنوعا وقت مس الخير : الثانى : أنهما خبران لكان أو صار مضمرة . أى : إذا مسه الشر كان أوصار جزوعا ، وإذا مسه الخير كان أوصار منوعا .

الثالث : أنهما نعتان لقوله : " هلوعا " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا} (19)

وقوله تعالى : { إن الإنسان } عموم لاسم الجنس ، لكن الإشارة هنا إلى الكفار ، لأن الأمر فيهم وكيد كثير ، والهلع جزع واضطراب يعتري الإنسان عند المخاوف وعند المطامع ونحوه قوله عليه السلام : «شر ما في الإنسان شح هالع وجبن خالع »{[11325]} .


[11325]:أخرجه أبو داود في الجهاد، وأحمد في المسند (2/302)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، والهلع: شدة الجزع الذي يجعل الإنسان غير قادر على التصرف بحكمة أمام الخير والشر. والخالع: الذي كأنه يخلع فؤاده لشدته.