معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

قوله تعالى : { والذين يبيتون لربهم } يقال لمن أدرك الليل : بات ، نام أو لم ينم ، يقال : بات فلان قلقاً ، والمعنى : يبيتون لربهم بالليل في الصلاة ، { سجداً } على وجوههم ، { وقياماً } على أقدامهم . قال ابن عباس : من صلى بعد العشاء الآخرة ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجداً وقائماً .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا أبو نعيم عن سفيان ، عن عثمان بن حكيم ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

{ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } أي : يكثرون من صلاة الليل مخلصين فيها لربهم متذللين له كما قال تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

ثم وصف - سبحانه - حالهم مع خالقهم فقال : { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } والبيتوتة أن يدركك الليل سواء أكنت نائما أم غير نائم .

أى : أن من صفاتهم أنهم يقضون جانبا من ليلهم ، تارة ساجدين على جباههم لله - تعالى - وتارة قائمين على أقدامهم بين يديه - سبحانه - .

وخص وقت الليل بالذكر . لأن العبادة فيه أخشع ، وأبعد عن الرياء ، وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً . . . } وقوله - سبحانه - : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ الليل سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ الآخرة وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ . . }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

وقوله : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } أي : في عبادته وطاعته ، كما قال تعالى : { كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الذاريات : 17 - 18 ] ، وقال { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [ السجدة : 16 ] وقال { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ } الآية [ الزمر : 9 ] ولهذا قال : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

عطف صفة أخرى على صفتيهم السابقتين على حدّ قول الشاعر :

إلى الملِك القرم وابن الهمام *** وليث الكتيبة في المُزدحم

وإعادة الموصول لتأكيد أنهم يُعرفون بهذه الصلة ، والظاهر أن هذه الموصولات وصلاتها كلها أخبار أو أوصاف لعباد الرحمان . روي عن الحسن البصري أنه كان إذا قرأ { الذين يمشون على الأرض هَوْناً } [ الفرقان : 63 ] قال : هذا وصف نهارهم ، ثم إذا قرأ { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً } قال : هذا وصف ليلهم .

والقِيام : جمع قَائم كالصِحاب ، والسجود والقيام ركنا الصلاة ، فالمعنى : يبيتون يصلّون ، فوقع إطناب في التعبير عن الصلاة بركنيها تنويهاً بكليهما . وتقديم { سجداً } على { قياماً } للرعي على الفاصلة مع الإشارة إلى الاهتمام بالسجود وهو ما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : « أقرب ما يكونُ العبد من ربه وهو ساجد » وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيري التهجد كما أثنى الله عليهم بذلك بقوله { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } [ السجدة : 16 ] .