اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

قوله : { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } . لما ذكر وصفهم بالنهار من وجهين :

أحدهما : ترك الإيذاء بقوله : { يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً }{[36605]} .

والثاني : تحمل الإيذاء بقوله : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً }{[36606]} شرح صفتهم في الليل{[36607]} . قال الزجاج : كل من أدركه الليل قيل : بات وإن لم ينم كما يقال : بات فلان قلقاً{[36608]} . والمعنى يبيتون لربهم سجداً على{[36609]} وجوههم ، وقياماً على أقدامهم{[36610]} قال ابن عباس : من صلى بعد العشاء ركعتين فقد بات ساجداً وقائماً{[36611]} . وروى عثمان بن عفان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ، ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة »{[36612]} .

قوله : «سُجَّداً » خبر «يَبِيتُون » ، ويضعف أن تكون تامة . أي : دخلوا في البيات ، و «سُجَّداً » حال و «لِرَبِّهِمْ » متعلق ب «سُجَّداً » . وقدم السجود على القيام وإن كان بعده في الفعل ، لاتفاق الفواصل{[36613]} . و «سُجَّداً » جمع ساجد كضُرَّاب في ضارب .

وقرأ أبو البرهسيم «سُجُوداً »{[36614]} بزنة قعود ، ويبيت هي اللغة الفاشية ، وأزد السَّراة وبجيلة يقولون : يبات ، وهي لغة العوام اليوم{[36615]} .


[36605]:من الآية السابقة.
[36606]:من الآية السابقة.
[36607]:انظر الفخر الرازي 24/108.
[36608]:انظر معاني القرآن وإعرابه 4/75.
[36609]:على: سقط من ب.
[36610]:انظر البغوي 6/192.
[36611]:انظر البغوي 6/192.
[36612]:أخرجه أبو داود (صلاة) 1/376، الترمذي (صلاة) 1/142. الدارمي (صلاة) 1/278، أحمد 1/68.
[36613]:انظر البحر المحيط 6/513.
[36614]:انظر تفسير ابن عطية 11/69، البحر المحيط 6/513.
[36615]:انظر البحر المحيط 6/513.