السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} (64)

ولما ذكر تعالى ما بينهم وبين الخلق ذكر ما بينهم وبينه وهي الصفة الثالثة بقوله تعالى : { والذين يبيتون } من البيتوتة قال الزجاج : كل من أدركه الليل قيل : بات وإن لم ينم كما يقال : بات فلان قلقاً والمعنى يبيتون { لربهم } أي : المحسن إليهم { سجّداً } على وجوههم في الصلاة وقدّمه لأنه أنهى الخضوع ، وأخر عنه قوله تعالى : { وقياماً } أي : على أقدامهم وإن كان تطويل القيام أفضل للروي ، وتخصيص البيتوتة ؛ لأن العبادة في الليل أشق وأبعد من الرياء ، قال الزمخشري : والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره ، وقيل : من قرأ شيئاً من القرآن في صلاة وإن قل فقد بات ساجداً وقائماً ، وقال ابن عباس : من صلى بعد العشاء ركعتين فقد بات ساجداً وقائماً ، وقيل : هما الركعتان لركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء ، وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صلى عشاء الآخرة في جماعة كان كقيام نصف ليلة ، ومن صلى الصبح في جماعة كان كقيام ليلة » .