معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

قوله تعالى : { إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوماً فاسقين* فلما جاءتهم آياتنا مبصرة } بينة واضحة يبصر بها ، { قالوا هذا سحر مبين } ظاهر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

{ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً } مضيئة تدل على الحق ويبصر بها كما تبصر الأبصار بالشمس . { قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ } لم يكفهم مجرد القول بأنه سحر بل قالوا : { مُبِينٌ } ظاهر لكل أحد . وهذا من أعجب العجائب الآيات المبصرات والأنوار الساطعات ، تجعل من بين الخزعبلات وأظهر السحر ! هل هذا إلا من أعظم المكابرة وأوقح السفسطة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

ثم بين - سبحانه - موقف فرعون وقومه من هذه المعجزات الدالة على صدق موسى فقال :

{ فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ . وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً . فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين } .

وقوله { مُبْصِرَةً } من الإبصار والظهور . وهو اسم فاعل بمعنى اسم المفعول ، للإشعار بشدة وضوحها وإنارتها ، حتى لكأنها تبصر نفسها لو كانت مما يبصر ، كما يقال : ماء دافق بمعنى مدفوق .

وقوله : { وَجَحَدُواْ بِهَا } من الجحود . وهو إنكار الحق مع العلم بأنه حق ، يقال : جحد فلان حق غيره ، إذا أنكره مع علمه به .

وقوله : { واستيقنتهآ } من الإيقان وهو الاعتقاد الجازم الذى لا يطرأ عليه شك وجىء بالسين لزيادة التأكيد .

والمعنى : وذهب موسى - عليه السلام - ومعه المعجزات الدالة على صدقه ، إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى إخلاص العبادة لله - تعالى - وحده ، فلما جاءهم موسى بتلك المعجزات المضيئة الواضحة للدلالة على صدقه ، قالوا على سبيل العناد والغرور : هذا الذى نراه منك يا موسى ، سحر بين وظاهر فى كونه سحرا .

وجحد فرعون وقومه هذه المعجزات التى جاء بها موسى من عند ربه - تعالى - ، مع أن أنفسهم قد علمت علماً لا شك معه أنها معجزات وليست سحراً ، ولكنهم خالفوا علمهم ويقينهم { ظُلْماً } للآيات حيث أنزلوها عن منزلتها الرفيعة وسموها سحراً { وَعُلُوّاً } أى : ترفعا واستكباراً عن الإيمان بها .

{ فانظر } أيها العاقل { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين } ؟ لقد كانت عاقبتهم أن أغرقهم الله جميعاً ، بسبب كفرهم وظلمهم وجحودهم وفسادهم فى الأرض .

وفى التعبير بقوله : { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا . . } إشعار بأن هذه الآيات الدالة على صدق موسى - عليه السلام - قد وصلت إليهم بدون أن يتعبوا أنفسهم فى الذهاب إليها ، فهى جاءتهم إلى بيوتهم لكى تهديهم إلى الصراط المستقيم ، ولكنهم قابلوا ذلك بالكفر والجحود .

وأسند - سبحانه - المجىء إلى الآيات وأضافها إلى ذاته - تعالى - للإشارة إلى أنها خارجة عن أن تكون من صنع موسى ، وإنما هى من صنع الله - تعالى - ومن فعله ، و موسى ما هو إلا منفذ لما أمره ربه ، ومؤيد لما منحه إياه من معجزات دالة على صدقه فيما يبلغه عنه .

وقوله : { ظُلْماً وَعُلُوّاً } منصوبان على أنهما مفعولان لأجله ، أو على أنهما حالان من فاعل جحدوا .

أى : جحدوا الآيات مع تيقنهم أنها من عند الله ، من أجل الظلم لها والتعالى على من جاء بها ، أو : جحدوا بها حالة كونهم ظالمين لها ، ومستكبرين عنها .

وفى قوله - سبحانه - : { فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين } تسلية عظمى للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من الكافرين .

فهم كانوا كفرعون وقومه فى جحود الحق الذى جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم مع يقينهم بأنه حق ، ولكن حال بينهم وبين الدخول أسباب متعددة ، على رأسها العناد ، والحسد ، والعكوف على ما كان عليه الآباء ، والكراهية لتغيير الأوضاع التى تهواها نفوسهم ، وزينتها لهم شهواتهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

وقوله : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً } أي : بينة واضحة ظاهرة ،

{ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ } وأرادوا معارضته بسحرهم فغلبوا [ هنالك ]{[21975]} { وانقلبوا صاغرين } .


[21975]:- زيادة من ف ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

{ فلما جاءتهم آياتنا } بأن جاءهم موسى بها . { مبصرة } بينة اسم فاعل أطلق للمفعول ، وإشعارا بأنها لفرط اجتلائها للأبصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما يبصر ، أو ذات تبصر من حيث إنها تهدي والعمي لا تهتدي فضلا عن أن تهدي ، أو مبصرة كل من نظر إليها وتأمل فيها . وقرئ " مبصرة " أي مكانا يكثركم فيه التبصر . { قالوا هذا سحر مبين } واضح سحريته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

الضمير في قوله { جاءتهم } لفرعون وقومه ، و { مبصرة } معناه الإبصار والوضوح ، وهذا على نحو قولهم : نهار صائم وليل قائم ونائم ، وقرأ قتادة وعلي بن الحسين «مَبصَرة » بفتح الميم والصاد{[8995]} .


[8995]:في البحر المحيط: "وقرأ قتادة وعلي بن الحسين" وعلى هذه القراءة تكون الكلمة مصدرا، كما تقول: الولد مجبنة، وأقيم المصدر مكان الاسم، وانتصب أيضا على الحال، وهذا الوزن كثير في صفات الأماكن، قيل: أرض مسبعة ومكان مضبة، ومثعلة، بمعنى: كثيرة السباع، أو الضباب، أو الثعالي، وهذا في الجواهر أو الأعيان، وأما في الأحداث فمنه: الحق مجدرة بك ومخلقة ومعساة ومقمنة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

أوجز بقية القصة وانتقل إلى العبرة بتكذيب فرعون وقومه الآيات ، ليُعتبر بذلك حال الذين كذبوا بآيات محمد صلى الله عليه وسلم وقصد من هذا الإيجاز طي بساط القصة لينتقل منها إلى قصة داود ثم قصة سليمان المبسوطة في هذه السورة . والمراد بمجيء الآيات حصولها واحدة بعد أخرى وهي الآيات الثمان التي قبل الغرق .

والمبصرة : الظاهرة . صيغ لها وزن اسم فاعل الإبصار على طريقة المجاز العقلي ، وإنما المبصر الناظرُ إليها . وقد تقدم في قوله تعالى : { وآتينا ثمود الناقة مبصرة } في سورة الإسراء ( 59 ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَٰتُنَا مُبۡصِرَةٗ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (13)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فلما جاءتهم آياتنا مبصرة} يعني: مبينة معاينة يرونها {قالوا}: يا موسى {هذا} الذي جئت به {سحر مبين} يعني: بيّن.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فلما جاءت فرعون وقومه آياتنا، يعني: أدلتنا وحججنا، على حقيقة ما دعاهم إليه موسى وصحته، وهي الآيات التسع التي ذكرناها قبل. وقوله "مُبْصِرَةً "يقول: يبصر بها من نظر إليها ورآها حقيقة ما دلت عليه... "قَالُوا: هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ"، يقول: قال فرعون وقومه: هذا الذي جاءنا به موسى سحر مبين، يقول: يبين للناظرين له أنه سحر.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وقيل في معنى مبصرة قولان: أحدهما -أنها تبصِّر الصواب من الخطأ، يقال أبصرته وبصرته بمعنى واحد... الثاني- مبصرة للحق من الباطل، فهي تهدي إليه كأنها تراه. قالوا عند ذلك إنه هذه الآيات "سحر مبين "أي ظاهر.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

المبصرة: الظاهرة البينة. جعل الإبصار لها وهو في الحقيقة لمتأمّليها، لأنهم لابسوها وكانوا بسبب منها بنظرهم وتفكرهم فيها. ويجوز أن يراد بحقيقة الإبصار: كل ناظر فيها من كافة أولي العقل، وأن يراد إبصار فرعون وملئه. لقوله: {واستيقنتها أَنفُسُهُمْ} [النمل: 14] أو جعلت كأنها تبصر فتهدي، لأنّ العمي لا تقدر على الاهتداء، فضلاً أن تهدي غيرها.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فلما جاءتهم آياتنا} أي على يده {مبصرة} أي سبب الإبصار لكونها منيرة ظاهرة جداً، فهي هادية لهم إلى الطريق الأقوم هداية النور لمن يبصر، فهو لا يخطئ شيئاً ينبغي أن ينتفع به.

{قالوا هذا سحر} أي خيال لا حقيقة له {مبين} أي واضح في أنه خيال.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

ولعل النكتة في العدول عن فلما جاءهم موسى بآياتنا إلى ما في النظم الجليل الإشارة إلى أن تلك الآيات خارجة عن طوقه عليه السلام كسائر المعجزات وأنه لم يكن له عليه السلام تصرف في بعضها، وكونه معجزة له لأخباره به ووقوعه بدعائه ونحوه، ولا ينافي هذا الإسناد إليه لكونها جارية على يده للإعجاز في قوله سبحانه: {فَلَمَّا جَاءهُم موسى بئاياتنا} [القصص: 36] في محل آخر..

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً} مضيئة تدل على الحق ويبصر بها كما تبصر الأبصار بالشمس. {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} لم يكفهم مجرد القول بأنه سحر بل قالوا: {مُبِينٌ} ظاهر لكل أحد. وهذا من أعجب العجائب..

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هذه الآيات الكثيرة العدد، الكاشفة عن الحق، حتى ليبصره كل من له عينان. ويصف هذه الآيات نفسها بأنها مبصرة، فهي تبصر الناس وتقودهم إلى الهدى. ومع هذا فقد قالوا عنها: إنها سحر مبين! قالوا ذلك لا عن اقتناع به، ولا عن شبهة فيه. إنما قالوه (ظلما وعلوا).

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أوجز بقية القصة وانتقل إلى العبرة بتكذيب فرعون وقومه الآيات، ليُعتبر بذلك حال الذين كذبوا بآيات محمد صلى الله عليه وسلم وقصد من هذا الإيجاز طي بساط القصة لينتقل منها إلى قصة داود ثم قصة سليمان المبسوطة في هذه السورة. والمراد بمجيء الآيات، حصولها واحدة بعد أخرى وهي الآيات الثمان التي قبل الغرق.

والمبصرة: الظاهرة. صيغ لها وزن اسم فاعل الإبصار على طريقة المجاز العقلي، وإنما المبصر الناظرُ إليها. وقد تقدم في قوله تعالى: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} في سورة الإسراء (59).

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

فكأن الآيات نفسها هي المبصرة؛ أو: أن الآيات من الوضوح كأنها تلح على الناس أن يروا وأن يتأملوا، فكأنها أبصر منهم للحقائق.