معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

قوله تعالى : { وإن من شيعته } يعني : أهل دينه وملته وسنته .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

{ 83 - 113 } { وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ } إلى آخر القصة ، أي : وإن من شيعة نوح عليه السلام ، ومن هو على طريقته في النبوة والرسالة ، ودعوة الخلق إلى اللّه ، وإجابة الدعاء ، إبراهيم الخليل عليه السلام .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

وجاءت بعد قصة نوح - عليه السلام - قصة إبراهيم - عليه السلام - وقد حكى الله - تعالى - ما دار بين إبراهيم وبين قومه ، كما حكى بعض النعم التى أنعمها - سبحانه - عليه ، بسبب إيمانه وإحسانه ، فقال - تعالى - :

{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ . . . } .

الضمير فى قوله : { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } يعود على نوح - عليه السلام - وشيعة الرجل : أعوانه وأنصاره وأتباعه ، وكل جماعة اجتمعوا على أمر واحد أو رأى واحد فهم شيعة ، والجمع شِيعَ مثل سِدرة وسِدَر .

قال القرطبى : الشيعة : الأعوان ، وهو مأخوذ من الشياع ، وهو الحطب الصغار الذى يقود مع الكبار حتى يستوقد .

والمعنى : وإن من شيعة نوح لإبراهيم - عليهما السلام - لأنه تابعه فى الدعوة إلى الدين الحق ، وفى الصبر على الأذى من أجل إعلاء كلمة الله تعالى ونصرة شريعته . . وهكذا جميع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -اللاحق منهم يؤيد السابق ، ويناصره فى دعوته التى جاء بها من عند ربه ، وإن اختلفت شرائعهم فى التفاصيل والجزئيات ، فهى متحدة فى الأصول والأركان .

وكان بين نوح وإبراهيم ، نبيان كريمان هما : هود ، وصالح - عليهما السلام -

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

69

ثم تجيء قصة إبراهيم . تجيء في حلقتين رئيسيتين : حلقة دعوته لقومه ، وتحطيم الأصنام ، وهمهم به ليقتلوه ، وحماية الله له وخذلان شانئيه - وهي حلقة تكررت من قبل في سور القرآن - وحلقة جديدة لا تعرض في غير هذه السورة . وهي الخاصة بحادث الرؤيا والذبح والفداء ، مفصلة المراحل والخطوات والمواقف ، في أسلوبها الأخاذ وأدائها الرهيب ! ممثلة أعلى صور الطاعة والتضحية والفداء والتسليم في عالم العقيدة في تاريخ البشرية الطويل .

( وإن من شيعته لإبراهيم . إذ جاء ربه بقلب سليم . إذ قال لأبيه وقومه : ماذا تعبدون ? أإفكاً آلهة دون الله تريدون ? فما ظنكم برب العالمين ? ) . .

هذا هو افتتاح القصة ، والمشهد الأول فيها . . نقلة من نوح إلى إبراهيم . وبينهما صلة من العقيدة والدعوة والطريق . فهو من شيعة نوح على تباعد الزمان بين الرسولين والرسالتين ؛ ولكنه المنهج الإلهي الواحد ، الذي يلتقيان عنده ويرتبطان به ويشتركان فيه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ } يقول : من أهل دينه . وقال مجاهد : على منهاجه وسنته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَآءَ رَبّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وإن من أشياع نوح على مِنهاجه وملته والله لإَبراهيمَ خليلَ الرحمن . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَإنّ مِنْ شِيعَتِهِ لإَبْرَاهِيمَ يقول : من أهل دينه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بَزّة ، عن مجاهد ، في قوله : وَإنّ مِنْ شِيعَتِهِ لإَبْرَاهِيمَ قال : على مِنهاج نوح وسنته .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَإنّ مِنْ شِيعَتِهِ لإَبراهِيمَ قال : على مِنهاجه وسنته .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَإنّ مِنْ شِيَعَتِهِ لإَبْراهِيمَ قال : على دينه ومِلته .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وَإنّ مِنْ شِيعَتِهِ لإَبْرَاهِيمَ قال : من أهل دينه .

وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى ذلك : وإن من شيعة محمد لإبراهيم ، وقال : ذلك مثل قوله : وآيَةٌ لَهُمْ أنّا حَمَلْنا ذُرّيّتَهُمْ بمعنى : أنا حملنا ذريةٍ من هم منه ، فجعلها ذرّية لهم ، وقد سبقتهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

وقوله تعالى : { من شيعته } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : الضمير عائد على نوح ، والمعنى في الدين والتوحيد ، وقال الطبري وغيره عن الفراء : الضمير عائد على محمد صلى الله عليه وسلم والإشارة إليه .

قال القاضي أبو محمد : وذلك كله محتمل لأن «الشيعة » معناها الصنف الشائع الذي يشبه بعضه بعضاً والشيع الفرق وإن كان الأعرف أن المتأخر في الزمن هو شيعة للمتقدم ولكن قد يجيء من الكلام عكس ذلك قال الشاعر [ الكميت ] :

وما لي إلا آل أحمد شيعة . . . وما لي إلا مشعب الحق مشعب{[9872]}

فجعلهم شيعة لنفسه .


[9872]:البيت للكُميت، وهو م قصيدته المشهورة:"طربت وما شوقا إلى البيض أطرب"، وأحمد هو الرسول صلى الله عليه وسلم، والشيعة: جماعة الرجل وأهله وأنصاره وأتباعه، والكميت جعل آل أحمد شيعة له وهم متقدمون عليه، فعكس المعنى المتعارف عليه من أن يكون المتأخر شيعة للمتقدم، والمتأخر هنا هو الشاعر، والمشعب: الطريق، ومشعب الحق: طريقه المفرق بينه وبين الباطل، وقد استشهد صاحب اللسان بهذا البيت على معنى المشعب في(شعب).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

تخلص إلى حكاية موقف إبراهيم عليه السلام من قومه في دعوتهم إلى التوحيد وما لاقاه منهم وكيف أيده الله ونجّاه منهم ، وقع هذا التخلص إليه بوصفه من شيعة نوح ليفيد بهذا الأسلوب الواحِد تأكيد الثناء على نوح وابتداءَ الثناء على إبراهيم وتخليد منقبة لنوح إن كان إبراهيم الرسول العظيم من شيعته وناهيك به . وكذلك جَمع محامد لإِبراهيم في كلمة كونه من شيعة نوح المقتضي مشاركته له في صفاته كما سيأتي ، وهذا كقوله تعالى : { ذرية من حملنا مع نوح } [ الإسراء : 3 ] .

والشيعة : اسم لمن يناصر الرجل وأتباعِه ويتعصب له فيقع لفظ شيعة على الواحد والجمع . وقد يجمع على شِيع وأشياع إذا أريد : جماعات كلُّ جماعة هي شيعة لأحد .

وقد تقدم عند قوله تعالى : { ولقد أرسلنا من قبلك في شِيَع الأولين } في سورة [ الحجر : 10 ] ، وعند قوله تعالى : { وجعل أهلها شيعاً } في سورة [ القصص : 4 ] .

وكان إبراهيم من ذرية نوح وكان دينه موافقاً لدين نوح في أصله وهو نبذ الشرك .

وجعل إبراهيم من شيعة نوح لأن نوحاً قد جاءت رسل على دينه قبل إبراهيم منهم هود وصالح فقد كانا قبل إبراهيم لأن القرآن ذكرهما غير مرة عقب ذكر نوح وقبل ذكر لوط معاصر إبراهيم . ولقول هود لقومه : { واذكروا إذ جعلكم خلفاءَ من بعد قوم نوح } [ الأعراف : 69 ] ، ولقول صالح لقومه : { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد } [ الأعراف : 74 ] ، وقول شعيب لقومه : { ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد } [ هود : 89 ] . فجعل قوم لوط أقرب زمناً لقومه دون قوم هود وقوم صالح . وكان لوط معاصر إبراهيم فهؤلاء كلهم شيعة لنوح وإبراهيم من تلك الشيعة وهذه نعمة حادية عشرة .

وتوكيد الخبر ب { إنّ } ولام الابتداء للردّ على المشركين لأنهم يزعمون أنهم على ملة إبراهيم وهذا كقوله تعالى : { وما كان من المشركين } [ البقرة : 135 ] .