البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

والظاهر عود الضمير في { من شعيته } على نوح ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي ، أي ممن شايعه في أصول الدين والتوحيد ، وان اختلفت شرائعهما ، أو اتفق أكثرهما ، أو ممن شايعه في التصلب في دين الله ومصابرة المكذبين .

وكان بين نوح وإبراهيم ألفا سنة وستمائة وأربعون سنة ، وبينهما من الأنبياء هود وصالح ، عليهما السلام .

وقال الفراء : الضمير فى { من شعيته } يعود على محمد صلى الله عليه وسلم والأعرف أن المتأخر في الزمان هو شيعة للمتقدم ، وجاء عكس ذلك في قول الكميت :

وما لي إلا آل أحمد شيعة *** ومالي إلا مشعب الحق مشعب

جعلهم شيعة لنفسه .

وقال الزمخشري : فإن قلت : بم يتعلق الظرف ؟ قلت : بما في الشيعة من معنى المشايعة ، يعني : وإن ممن شايعه على دينه وتقواه حين جاء ربه بقلب سليم لإبراهيم ، أو بمحذوف ، وهو اذكر . انتهى .

أما التخريج الأول فلا يجوز ، لأن فيه الفضل بين العامل والمعمول بأجنبي ، وهو قوله : { لإبراهيم } ، لأنه أجنبي من شيعته ومن إذ ، وزاد المنع ، إذ قدره ممن شايعه حين جاء لإبراهيم .

وأيضاً فلام التوكيد يمنع أن يعمل ما قبلها فيما بعدها .

لو قلت : إن ضارباً بالقادم علينا زيداً ، وتقديره : ضارباً زيداً لقادم علينا ، لم يجز .

وأما تقديره اذكر ، فهو المعهود عند المعربين .