المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{۞وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِۦ لَإِبۡرَٰهِيمَ} (83)

وقوله تعالى : { من شيعته } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : الضمير عائد على نوح ، والمعنى في الدين والتوحيد ، وقال الطبري وغيره عن الفراء : الضمير عائد على محمد صلى الله عليه وسلم والإشارة إليه .

قال القاضي أبو محمد : وذلك كله محتمل لأن «الشيعة » معناها الصنف الشائع الذي يشبه بعضه بعضاً والشيع الفرق وإن كان الأعرف أن المتأخر في الزمن هو شيعة للمتقدم ولكن قد يجيء من الكلام عكس ذلك قال الشاعر [ الكميت ] :

وما لي إلا آل أحمد شيعة . . . وما لي إلا مشعب الحق مشعب{[9872]}

فجعلهم شيعة لنفسه .


[9872]:البيت للكُميت، وهو م قصيدته المشهورة:"طربت وما شوقا إلى البيض أطرب"، وأحمد هو الرسول صلى الله عليه وسلم، والشيعة: جماعة الرجل وأهله وأنصاره وأتباعه، والكميت جعل آل أحمد شيعة له وهم متقدمون عليه، فعكس المعنى المتعارف عليه من أن يكون المتأخر شيعة للمتقدم، والمتأخر هنا هو الشاعر، والمشعب: الطريق، ومشعب الحق: طريقه المفرق بينه وبين الباطل، وقد استشهد صاحب اللسان بهذا البيت على معنى المشعب في(شعب).