معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

{ ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً } يشوق ويطرب ، والزنجبيل : مما كانت العرب تستطيبه جداً ، فوعدهم الله تعالى أنهم يسقون في الجنة الكأس الممزوجة بزنجبيل الجنة . قال مقاتل : لا يشبه زنجبيل الدنيا . قال ابن عباس : كل ما ذكره الله في القرآن مما في الجنة وسماه ليس له في الدنيا مثل . وقيل : هو عين في الجنة يوجد منها طعم الزنجبيل . قال قتادة : يشربها المقربون صرفاً ، ويمزج لسائر أهل الجنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

{ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا } أي : في الجنة من كأس ، وهو الإناء المملوء من خمر ورحيق ، { كَانَ مِزَاجُهَا } أي : خلطها { زَنْجَبِيلًا } ليطيب طعمه وريحه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

ثم بين - سبحانه - محاسن شراب أهل الجنة فقال : { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً . عَيْناً فِيهَا تسمى سَلْسَبِيلاً } .

والمراد بالكأس هنا : كأس الخمر . والضمير فى قوله { فيها } يعود إلى الجنة . والزنجبيل : نبات ذو رائحة عطرية طيبة ، والعرب كانوا يستلذون الشراب الممزوج به .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

ثم هي تمزج بالزنجبيل كما مزجت مرة بالكافور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

وقوله : وَيُسْقَوْنَ فِيها كأسا كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً يقول تعالى ذكره : ويُسْقَى هؤلاء القوم الأبرار في الجنة كأسا ، وهي كلّ إناء كان فيه شراب ، فإذا كان فارغا من الخمر لم يقل له كأس ، وإنما يقال له إناء ، كما يقال للطبق الذي تهدي فيه الهدية المِهْدَى مقصورا ما دامت عليه الهدية فإذا فرغ مما عليه كان طبقا أو خِوَانا ، ولم يكن مِهْدًى كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً يقول : كان مزاج شراب الكأس التي يُسقون منها زنجبيلاً .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : يمزج لهم شرابهم بالزنجبيل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً قال : تُمْزَج بالزنجبيل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً قال : يأثُرُ لهم ما كانوا يشربون في الدنيا . زاد الحارث في حديثه : فَيُحَبّبُهُ إليهم .

وقال بعضهم : الزنجبيل : اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَيُسْقَوْنَ فِيها كأسا كانَ مِزَاجُها زَنْجَبِيلاً عَيْنا فِيها تُسَمّى سَلْسَبِيلاً رقيقة يشربها المقرّبون صِرْفا ، وتمزج لسائرٍ أهل الجنة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

وكون الزنجبيل مزاجها هو على ما ذكرناه في العرف ولذع اللسان ، وذلك من لذات المشروب ، و «الزنجبيل » : طيب حار ، وقال الشاعر [ الأعشى ] : [ الرجز ]

كأن جنياً من الزنجبيل*** بات بفيها وأرياً حشورا{[11524]}

وقال المسيب بن علس : [ الكامل ]

وكأن طعم الزنجبيل به*** إذ ذقته وسلافة الخمر{[11525]}

وقال قتادة : «الزنجبيل » ، اسم لعين في الجنة يشرب منها المقربون صرفاً ، وتمزج لسائر أهل الجنة .


[11524]:هذا البيت للأعشى، وهو من قصيدته التي مدح بها هوذة بن علي الحنفي، والرواية في الديوان: (خالط فاها)، والجني: ما جني لساعته من الثمر، ويكون لهذا غضا طيبا لم يلحقه تغيير، والأري: العسل والمشور: المستخرج من الخلية، يصف ريقها ويشبهه في حلاوته بالزنجبيل والعسل الصافي، والشاهد أن العرب تستطعم الزنجبيل إلى هذه الدرجة.
[11525]:المسيب لقب لقب به، واسمه زهير بن علس بن مالك، والبيت مع بيت بعده من أفضل ما قيل، وقد سبق إلى ما فيهما من معنى، وأخذه عنه غيره، وفيهما يقول: وكأن طعم الزنجبيل به إذ ذقته وسلافة الخمر شرقا بماء الذوب أسلمه للمبتغيه معاقل الدبر ومعنى "شرقا" مختلطا، وهي حال، والدبر: النحل، وسلافة الخمر: أول ما يعصر منها، وهو أخلصها وأفضلها، يذكر ثغر المرأة ويشبه ما فيه بطعم الزنجبيل وبأصفى وأفضل أنواع الخمر، والشاهد أن طعم الزنجبيل ممدوح محبوب عند العرب.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

أتبع وصف الآنية ومحاسنها بوصف الشراب الذي يحويه وطِيبه ، فالكأس كأس الخمر وهي من جملة عموم الآنية المذكورة فيما تقدم ولا تسمى آنية الخمر كأساً إلاّ إذا كان فيها خمر فكون الخمر فيها هو مصحح تسميتها كأساً ، ولذلك حسن تعدية فعل السقْي إلى الكأس لأن مفهوم الكأس يتقوم بما في الإِناء من الخمر ، ومثل هذا قول الأعشى :

وكأسسٍ شربتُ على لذة *** وأُخرى تداويتُ منها بها

يريد : وخمر شربتُ .

والقول في إطلاق الكأس على الإِناء أو على ما فيه كالقول في نظيره المتقدم في قوله : { إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً } [ الإنسان : 5 ] .

ومعنى الآية أن هذه سقْية أخرى ، أي مرة يشربون من كأس مزاجها الكافور ومرة يسقون كأساً مزاجها الزنجبيل .

وضمير { فيها } للجنة من قوله : { جنة وحريراً } [ الإنسان : 12 ] .

وزنجبيل : كلمة معربة وأصلها بالكاف الأعجمية عوض الجيم . قال الجواليقي والثعالبي : هي فارسية ، وهو اسم لجذور مثل جذور السُّعْد بضم السين وسكون العين تكون في الأرض كالجَزَر الدقيق واللفت الدقيق لونها إلى البياض لها نبات له زهر ، وهي ذات رائحة عِطرية طيبة وطعمها شبيه بطعم الفُلفل ، وهو ينبت ببلاد الصين والسند وعُمان والشحر ، وهو أصناف أحسنها ما ينبت ببلاد الصين ، ويدخل في الأدوية والطبخ كالأفاويه ورائحته بهارية وطعمه حريف . وهو منبه ويستعمل منقوعاً في الماء ومربى بالسّكر .

وقد عرفه العرب وذكره شعراء العرب في طيب الرائحة .

أي يمزجون الخمر بالماء المنقوع فيه الزنجبيل لطيب رائحته وحسن طعمه .