معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

وقوله : { كَأْساً كَانَ مِزَاجُها زَنجَبِيلاً } .

إنما تسمى الكأس إذا كان فيها الشراب ، فإذا لم يكن فيها الخمر لم يقع عليها اسم الكأس . وسمعت بعض العرب يقول للطبق الذي يُهدى عليه الهدية : وهو المِهْدَى ، ما دامت عليه الهدية ، فإذا كان [ 119/ا ] فارغا رجع إلى اسمه إن كان طبقاً أو خواناً ، أو غير ذلك .

وقوله عز وجل : { زَنجَبِيلاً * عَيْنا } .

ذكر أن الزنجبيل هو العين ، وأن الزنجبيل اسم لها ، وفيها من التفسير ما في الكافور .

وقوله عز وجل : { تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } .

ذكروا أن السلسبيل اسم للعين ، وذكر أنه صفة للماء لسلسلته وعذوبته ، ونرى أنه لو كان اسما للعين لكان ترك الإجراء فيه أكثر ، ولم نَر أحدا من القراء ترك إجراءها وهو جائز في العربية ، كما كان في قراءة عبد الله : { وَلاَ تَذَرُنّ وَدًّا ولا سُوَاعاً ولا يَغُوثاً ويَعُوقاً } بالألف . وكما قال : «سلاسلا » ، و«قواريرا » بالألف ، فأجروا ما لا يجري ، وليس بخطأ ، لأن العرب تجري ما لا يجري في الشعر ، فلو كان خطأ ما أدخلوه في أشعارهم ، قال متمم بن نويرة :

فما وجد أظآرٍ ثلاثٍ روائمٍ *** رأين مَجَرًّا من حُوارٍ ومصْرعَا

فأجرى روائم ، وهي مما لا يجرى فيما لا أحصيه في أشعارهم .