الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا} (17)

قوله تعالى : " ويسقون فيها كأسا " وهي الخمر في الإناء . " كان مزاجها زنجبيلا " " كان " صلة ، أي مزاجها زنجبيل ، أو كان في حكم الله زنجبيلا . وكانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته ؛ لأنه يحذو اللسان ، ويهضم المأكول ، فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب . وقال المسيب بن علس يصف ثغر المرأة :

وكأن طعمَ الزَّنْجَبيل به *** إذ ذُقْتَه وسُلافَةَ الخَمْرِ

ويروى . الكرم . وقال آخر{[15689]} : ،

كأن جَنِيًّا من الزَّنجبي *** ل بات بفِيهَا وأرْيًا مَشُورًا

ونحوه قول الأعشى :

كأن القرنفلَ والزنجبي *** لَ باتا بفيها وأرْيًا مَشُورًا

وقال مجاهد : الزنجبيل اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار . وكذا قال قتادة : والزنجبيل اسم العين التي يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة . وقيل : هي عين في الجنة يوجد فيها طعم الزنجبيل . وقيل : إن فيه معنى الشراب الممزوج بالزنجبيل . والمعنى كأن فيها زنجبيلا .


[15689]:الذي في ديوان الأعشى هذا البيت لا الذي بعده، وفيه: خالط فاها .. . الخ والظاهر أن البيتين واحد واختلف الرواية. والأري: العسل.