قوله تعالى : { لها سبعة أبواب } ، أطباق . قال علي رضي الله عنه : تدرون كيف أبواب النار ؟ هكذا ، ووضع [ شعبة ] إحدى يديه على الأخرى ، أي : سبعة أبواب بعضها فوق بعض وإن الله وضع الجنان على العرض ووضع النيران بعضها فوق بعض . قال ابن جريج : النار سبع دركات : أولها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية . { لكل باب منهم جزء مقسوم } ، أي : لكل دركة قوم يسكنونها . وقال الضحاك : في الدركة الأولى أهل التوحيد الذين أدخلوا النار ، يعذبون بقدر ذنوبهم ثم يخرجون ، وفى الثانية النصارى ، وفى الثالثة اليهود ، وفى الرابعة الصابئون ، وفى الخامسة المجوس ، وفى السادسة أهل الشرك ، وفى السابعة المنافقون ، فذلك قوله تعالى : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } [ النساء-145 ] . وروي عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل السيف على أمتي أو قال على أمة محمد " .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنّ جَهَنّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ جُزْءٌ مّقْسُومٌ } .
يقول تعألى ذكره لإبليس : وإن جهنم لموعد من تبعك أجمعين . لها سَبْعَةُ أبوابٍ يقول : لجهنم سبعة أطباق ، لكلَ طَبَق منهم : يعني من أتباع إبليس جزء ، يعني : قسما ونصيبا مقسوما .
وذُكر أن أبواب جهنم طبقات بعضها فوق بعض . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا هارون الغنوي ، قال : سمعت حِطان ، قال : سمعت عليّا وهو يخطب ، قال : إن أبواب جهنم هكذا . ووضع شُعبة إحدى يديه على الأخرى .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي هارون الغنوي ، عن حطان بن عبد الله ، قال : قال عليّ : تدرون كيف أبواب النار ؟ قلنا : نعم كنحو هذه الأبواب . فقال : لا ، ولكنها هكذا . فوصف أبو هارون أطباقا بعضها فوق بعض ، وفعل ذلك أبو بشر .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبي هارون الغنوي ، عن حطان بن عبد الله عن عليّ ، قال : هل تدرون كيف أبواب النار ؟ قالوا : كنحو هذه الأبواب ، قال : لا ، ولكن هكذا . ووصف بعضها فوق بعض .
حدثنا هارون بن إسحاق ، قال : حدثنا مصعب بن المقدام ، قال : أخبرنا إسرائيل ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن هبيرة ، عن عليّ ، قال : أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض ، فيمتلىء الأوّل ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، ثم تمتلىء كلها .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، عن عليّ قال : أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض وأشار بأصابعه على الأوّل ، ثم الثاني ، ثم الثالث حتى تملأ كلها .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هبيرة ابن مريم ، قال : سمعت عليّا يقول : إن أبواب جهنم بعضا فوق بعض ، فيملأ الأوّل ثم الذي يليه ، إلى آخرها .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عليّ ، قال : أخبرنا محمد بن يزيد الواسطيّ ، عن جَهْضَم ، قال : سمعت عكرمة يقول في قوله : لها سَبْعَةُ أبوابٍ قال : لها سبعة أطباق .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : لها سَبْعَةُ أبوابٍ قال : أوّلها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية . والجحيم فيها أبو جهل .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لها سَبْعَةُ أبوابٍ لِكُلّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ وهي والله منازل بأعمالهم .
الظاهر أن السبعة مستعملة في الكثرة فيكون كقوله : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } [ سورة الرعد : 23 ] ؛ أو أريد بالأبواب الكناية عن طبقات جهنم لأن الأبواب تقتضي منازل فهي مراتب مناسبة لمراتب الإجرام بأن تكون أصول الجرائم سبعة تتفرع عنها جميع المعاصي الكبائر . وعسى أن نتمكن من تشجيرها في وقت آخر .
وقد يكون من جملة طبقاتها طبقة النفاق قال تعالى : { إن المنافقين في الدركِ الأسفل من النار } [ سورة النساء : 145 ] . وانظر ما قدمناه من تفريع ما ينشأ عن النفاق من المذام في قوله تعالى { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } في سورة البقرة ( 8 ) .
وجملة { لكل باب منهم جزء مقسوم } صفة ل { أبواب } وتقسيمها بالتعيين يعلمه الله تعالى . وضمير { منهم } عائد ل { من اتبعك من الغاوين } ، أي لكل باب فريق يدخل منه ، أو لكل طبقة من النار قسم من أهل النار مقسوم على طبقات أقسام النار .
واعلم أن هذه الأقوال التي صدرت من الشيطان لدى الحضرة القدسية هي انكشاف لجبلّة التطور الذي تكيّفت به نفس إبليس من حينَ أبى من السجود وكيف تولدَ كل فصل من ذلك التطور عما قبله حتى تقومت الماهية الشيطانية بمقوماتها كاملة عندما صدر منه قوله : { لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين } [ سورة الحجر : 39 ، 40 ] ، فكلّما حَدث في جبلّته فصْل من تلك الماهية صدر منه قول يدل عليه ؛ فهو شبيه بنطق الجوارح بالشهادة على أهل الضلالة يوم الحساب .
وأما الأقوال الإلهية التي أجيبت بها أقوال الشيطان فمظهر للأوامر التكوينية التي قدّرها الله تعالى في علمه لتطور أطوار إبليس المقومة لماهية الشيطنة ، وللألطاف التي قدرها الله لمن يعتصم بها من عباده لمقاومة سلطان الشيطان . وليست تلك الأقوال كلها بمناظرة بين الله وأحد مخلوقاته ولا بغلبة من الشيطان لخالقه ، فإن ضعفه تُجاهَ عزّة خالقه لا يبلغ به إلى ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.